فقال - تعالى - : وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا، ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا، أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ، بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
١٠ - وبعد هذا التوبيخ للمنافقين على سلوكهم الذميم، وعلى نكوصهم عن حكم اللّه - تعالى - ورسوله - ﷺ - جاء وعد اللّه - تعالى - للمؤمنين، بالاستخلاف في الأرض، وبالتمكين في الدين، وبتبديل خوفهم أمنا، فقال - تعالى - : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ.
١١ - ثم عادت السورة مرة أخرى إلى الحديث عن آداب الاستئذان، فأمرت المؤمنين أن يعودوا مماليكهم وصبيانهم الذين لم يبلغوا الحلم، على الاستئذان في الدخول عليهم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر، وعند وقت الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء، فإن هذه الأوقات قد تكون المرأة أو الرجل فيها، بحالة لا يصح الاطلاع عليها..
قال - تعالى - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ، وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ، وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ. وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ، ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ، طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ، كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
١٢ - ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ببيان صفات المؤمنين الصادقين، وبحضهم على تكريم رسولهم - ﷺ - وتعظيمه وتوقيره. وببيان أن هذا الكون كله ملك للّه - تعالى - وتحت قبضته وعلمه، فقال - سبحانه - : أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
١٣ - وبعد : فهذا عرض إجمالى للمقاصد التي اشتملت عليها سورة النور، ومنها نرى أن السورة الكريمة زاخرة بالأحكام الشرعية، وبالآداب الإسلامية وبالتربية الدينية وبالوسائل الوقائية التي من شأنها أن تغرس الأخلاق الكريمة في نفوس الأفراد والجماعات.
وأن تجعلهم يرغبون في اعتناق الفضيلة. وينفرون من مقاربة الرذيلة. ويسعدون في دينهم ودنياهم. (١)

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٠ / ٧٣)


الصفحة التالية
Icon