سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ » (١٨ ـ ١٩ : الشعراء) وجاء في هذه السورة ـ القصص ـ بيان مفصّل لهذه الفترة من حياة موسى، تحدّثت عن مولده، وإلقائه في اليم، والنقاط آل فرعون له، ونشأته فى بيت فرعون تمنّى له.. ثم قتله المصري، ثم فراره إلى مدين.. وهذه الأحداث كلّها قد طويت طيّا في الآيتين السابقتين من (سورة الشعراء) وجاء في سورة (النمل) :« إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ » (٧) ولم يذكر فيها من هم أهله ؟ ومن أين جاءوا ؟ وما وجهتهم معه ؟. فجاء في سورة (القصص).. فرار موسى إلى أرض مدين، ولقاؤه شعيبا، وتزوّجه بإحدى ابنتيه اللتين لقيهما على ماء مدين، وسقى لهما... كما سنرى ذلك مفصلا في هذه السورة. (١)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة القصص، هي السورة الثامنة والعشرون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة النمل. فترتيب نزولها موافق لترتيبها في المصحف. وعدد آياتها ثمانون آية.
٢ - قال القرطبي : وهي مكية كلها في قول الحسن، وعكرمة، وعطاء. وقال ابن عباس وقتادة : إلا آية نزلت بين مكة والمدينة. وقال ابن سلام : بالجحفة في وقت هجرة الرسول - ﷺ - إلى المدينة، وهي قوله - تعالى - : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ....
فعن يحيى بن سلام قال : بلغني أن النبي - ﷺ - حين هاجر، نزل عليه جبريل بالجحفة وهو متوجه من مكة إلى المدينة فقال له : أتشتاق يا محمد إلى بلدك التي ولدت فيها؟ قال :
نعم، فقرأ عليه : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ....
٣ - والمتدبر لهذه السورة الكريمة، يرى أكثر من نصفها، في الحديث عن قصة موسى - عليه السلام -. فهي تبدأ بقوله - تعالى - : طسم. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ، نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ...
٤ - ثم تحدثت السورة الكريمة بعد ذلك، عما ألهم اللّه - تعالى - به أم موسى بعد ولادتها له، وعن حالتها النفسية بعد أن عرفت أن ابنها قد التقطه من اليم أعداؤها. وعما قالته لأخته، وعن فضل اللّه - تعالى - عليها ورحمته بها، حيث أعاد إليها ابنها موسى، قال - تعالى - : فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ، وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٠ / ٣٠٦)


الصفحة التالية
Icon