٧ - الامتنان على أهل مكة بإقامتهم في الحرم الآمن، مع خوف من حولهم، ثم كفرهم بهذه النعمة وغيرها بالإشراك باللّه، وتكذيب رسوله، وهو غاية الظلم.
٨ - بيان جزاء المؤمنين الذين صبروا أمام المحن والشدائد، وجاهدوا في سبيل اللّه بالنفس والمال، واجتازوا المحنة بأمان وسلام. (١)
مكية كلها في قول بعضهم، وعن ابن عباس إنها مكية إلا عشر آيات من أولها، والظاهر أنها نزلت بين مكة والمدينة كما قال على بن أبى طالب... وهي تسع وستون آية. وعلى العموم فإنها تدور حول بيان حقيقة الإيمان، وما يصادف المؤمنين من فتن تصهرهم وتقوى روحهم ومع ذلك فالنصر للإيمان، وقد جاء القصص مؤيدا لذلك مع ضرب المثل لقوة الكفار وآلهتهم، ونتيجة الجهاد في سبيل اللّه. (٢)
وجه اتصالها بما قبلها أنه تعالى أخبر في أول السورة السابقة عن فرعون أنه عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ [القصص : ٤] وافتتح هذه بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على الإيمان بعذاب دون ما عذب به فرعون بني إسرائيل بكثير تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم وحثا على الصبر، ولذا قيل هنا : وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [العنكبوت : ٣] وأيضا لما كان في خاتمة الأولى الإشارة إلى هجرة النبي صلّى اللّه تعالى عليه وسلّم أي في قوله تعالى : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [القصص : ٨٥] على بعض الأقوال، وفي خاتمة هذه الإشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله تعالى : يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ [العنكبوت : ٥٦] ناسب تتاليهما. (٣)
* سورة العنكبوت مكية، وموضوعها : العقيدة في أصولها الكبرى (الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء) ومحور السورة الكريمة يدور حول الإيمان و " سنة الابتلاء " في هذه الحياة، لأن المسلمين في مكة كانوا في أقصى أنواع المحنة والشدة، ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطولا مفصلا، وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء، والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
* تبتدىء السورة الكريمة بهذا البدء الصريح [ آلم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ] ؟ وتمضي السورة تتحدث عن فريق من الناس يحسبون الإيمان كلمة تقال باللسان، فإذا نزلت بهم المحنة والشدة، انتكسوا إلى جحيم الضلال، وارتدوا عن الإسلام تخلصا من عذاب الدنيا، كأن

(١) - التفسير المنير ـ موافقا للمطبوع - (٢٠ / ١٨١) و تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٠ / ١٠١)
(٢) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٢ / ٨٥٤)
(٣) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١٠ / ٣٣٧)


الصفحة التالية
Icon