المعوذتين والفاتحة على فرض صحته كان قبل علمه بذلك فلما تبين له قرآنيتهما بعد تم التواتر وانعقد الإجماع على قرآنيتهما كان في مقدمة من آمن بأنهما من القرآن قال بعضهم يحتمل أن ابن مسعود لم يسمع المعوذتين من النبي - ﷺ - ولم تتواترا عنده فتوقف في أمرهما وإنما لم ينكر ذلك عليه لأنه كان بصدد البحث والنظر والواجب عليه التثبت في هذا الأمر ا ه ولعل هذا الجواب هو الذي تستريح إليه النفس لأن قراءة عاصم عن ابن مسعود ثبت فيها المعوذتان والفاتحة وهي صحيحة ونقلها عن ابن مسعود صحيح وكذل إنكار ابن مسعود للمعوذتين جاء من طريق صححه ابن حجر إذا فليحمل هذا الإنكار على أولى حالات ابن مسعود جمعا بين الروايتين وما يقال في نقل إنكاره قرآنية المعوذتين يقال في نقل إنكاره قرآنية الفاتحة بل نقل إنكاره قرآنية الفاتحة أدخل في البطلان وأغرق في الضلال باعتبار أن الفاتحة أم القرآن وأنها السبع المثاني التي تثنى وتكرر في كل ركعة من ركعات الصلاة على لسان كل مسلم ومسلمة فحاشى لابن مسعود أن يكون قد خفي عليه قرآنيتها فضلا عن إنكاره قرآنيتها وقصارى ما نقل عنه أنه لم يكتبها في مصحفه وهذا لا يدل على الإنكار قال ابن قتيبة ما نصه وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن معاذ الله ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان ا ه ومعنى هذا أن عدم كتابة ابن مسعود للفاتحة في مصحفه كان سببه وضوح أنها من القرآن وعدم الخوف عليها من الشك والنسيان والزيادة والنقصان ثالثا أننا إن سلمنا أن ابن مسعود أنكر المعوذتين وأنكر الفاتحة بل أنكر القرآن كله فإن إنكاره هذا لا يضرنا في شيء لأن هذا الإنكار لا ينقض تواتر القرآن ولا يرفع العلم القاطع بثبوته القائم على التواتر ولم يقل أحد في الدنيا إن من شرط التواتر والعلم اليقيني المبني عليه ألا يخالف فيه مخالف وإلا لأمكن من هدم كل تواتر وإبطال كل علم قام عليه بمجرد أن يخالف فيه مخالف ولو لم يكن في العير ولا في النفير قال ابن قتيبة في مشكل القرآن ظن ابن مسعود أن المعوذتين ليستا من القرآن لأنه رأى النبي - ﷺ - يعوذ بهما الحسن والحسين فأقام على ظنه ولا نقول إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار ا ه
رابعا أن ما زعموه من أن آية !< وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل >! ٣ آل عمران ١٤٤ الخ من كلام أبي بكر فهو زعم باطل لا يستند إلى دليل ولا شبه دليل وقد جاء في الروايات الصحيحة أنها نزلت في واقعة أحد لعتاب أصحاب رسول الله - ﷺ - على ما صدر منهم وأنها ليست من كلام أبي بكر وذلك أنه لما أصيب المسلمون في غزوة أحد بما أصيبوا به وكسرت رباعية النبي - ﷺ - وشج وجهه الشريف وجحشت ركبته وشاع بين المقاتلة أن رسول الله - ﷺ - قد قتل هنالك قال بعض المسلمين ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان وبعضهم جلسوا وألقوا بأيديهم وقال أناس من المنافقين إن كان محمد قد قتل فألحقوا بدينكم الأول فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك إن كان محمد قتل فإن