التوحيد :«وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ».. وبمناسبة موج البحر وهو له يذكرهم بالهول الأكبر، وهو يقرر قضية الآخرة. الهول الذي يفصم وشائح الدم التي لا يفصلها في الدنيا هول :«يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ. وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً. إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ. فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ».. وعند هذا المقطع وهذا المؤثر الذي يرتجف له الكيان يختم السورة بآية تقرر القضايا التي عالجتها جميعا، في إيقاع قوي عميق مرهوب :«إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ. وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»..
هذه الجولات الأربع بأساليبها ومؤثراتها ودلائلها وآياتها نموذج من أسلوب القرآن الكريم في معالجة القلوب.
هذا الأسلوب المختار من خالق هذه القلوب العليم بمداخلها. الخبير بما يصلح لها وما تصلح به من الأساليب.. (١)
مجمل ما حوته السورة الكريمة من الموضوعات
(١) القرآن هداية ورحمة للمؤمنين.
(٢) قصص من ضل عن سبيل اللّه بغير علم، واتخذ آيات اللّه هزوا.
(٣) وصف العالم العلوي، والعالم السفلى، وما فيهما من العجائب الدالة على وحدانية اللّه.
(٤) قصص لقمان وإيتاؤه الحكمة، وشكره لربه على ذلك، ثم نصائحه لابنه.
(٥) الأمر بطاعة الوالدين إلا فيما لا يرضى الخالق.
(٦) النعي على المشركين فى ركونهم إلى التقليد إذا دعوا إلى النظر فى الكون وعبادة الخالق له.
(٧) لا نجاة للإنسان إلا بالإخبات للّه وعمل الصالحات.
(٨) تسلية الرسول على عدم إيمان المشركين.
(٩) تعجيب رسوله من المشركين بأنهم يقرون بأن اللّه هو الخالق لكل شىء ثم هم يعبدون معه غيره ممن هو مخلوق مثلهم.
(١٠) نعم اللّه ومخلوقاته لا حصر لها.
(١١) الأمر بالنظر إلى الكون وعجائبه لنسترشد بذلك إلى وحدانية الصانع لها.

(١) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٥ / ٢٧٨٠)


الصفحة التالية
Icon