بنصر المؤمنين على أحزاب أعدائهم من الكفرة والمنافقين في وقعة الأحزاب ودفع كيد المنافقين. والثناء على صدق المؤمنين وثباتهم في الدفاع عن الدين. ونعمة الله عليهم بأن أعطاهم بلاد أهل الكتاب الذين ظاهروا الأحزاب.
وانتقل من ذلك إلى أحكام في معاشرة أزواج النبي - ﷺ - وذكر فضلهن وفضل آل النبي - ﷺ - وفضائل أهل الخير من المسلمين والمسلمات. وتشريع في عدة المطلقة قبل البناء.
وما يسوغ لرسول الله - ﷺ - من الأزواج. وحكم حجاب أمهات المؤمنين ولبسة المؤمنات إذا خرجن. وتهديد المنافقين على الإرجاف بالأخبار الكاذبة. وختمت السورة بالتنويه بالشرائع الإلهية فكان ختامها من رد العجز على الصدر لقوله في أولها: ﴿و اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [الأحزاب: ٢]، وتخلل ذلك مستطردات من الأمر بالائتساء بالنبي - ﷺ -. وتحريض المؤمنين على ذكر الله وتنزيهه شكرا له على هديه. وتعظيم قدر النبي - ﷺ - عند الله وفي الملأ الأعلى، والأمر بالصلاة عليه والسلام. ووعيد المنافقين الذين يأتون بما يؤذي الله ورسوله والمؤمنين. والتحذير من التورط في ذلك كيلا يقعوا فيما وقع فيه الذين آذوا موسى عليه السلام. (١)
مناسبتها لما قبلها
مع أن هذه السورة مدنية، ومع أن السورة التي قبلها (السجدة) مكية، ومع الفاصل الزمنى الممتد بينهما، فقد اتصلت السورتان بعضهما ببعض، والتقى ختام السابقة منهما ببدء التالية، حتى لكأنهما سورة واحدة.. وهذا مما يدل على أن ترتيب السّور في المصحف توقيفى كترتيب الآيات في السور.. وهذا يعنى أن الصورة التي نزل عليها القرآن تختلف جمعا وترتيبا ـ وإن لم تختلف مادة وموضوعا ـ عن الصورة التي انتظم عليها نظام القرآن، بعد أن تم نزوله، فى العرضة الأخيرة التي كانت بين جبريل وبين النبىّ ـ صلوات اللّه وسلامه عليهما ـ على ما سنرى ذلك عند تفسير السورة.
وهنا يلقانا أمر نحبّ أن نقف عنده، وننظر فيه، وفي الآثار التي تنجم عنه..
[فتنة الترتيب النزولى للقرآن ] فهناك دعوة جديدة محمومة بدأت تظهر في آفاق مختلفة في محيط العالم الإسلامى، وفي خارج هذا المحيط، تدعو إلى إعادة نظم القرآن وجمعه على حسب ترتيب نزوله.. بمعنى أن يكون المصحف القرآنى المقترح، مبتدئا بأول آية تلقاها النبي الكريم، وحيا من ربه، ثم الآية التي تليها، وهكذا آية آية، وآيات آيات، حتى آخر آية نزلت على النبي..