* ويمكن أن نلخص المواضيع الكبرى لهذه السورة الكريمة في نقاط ثلاث : أولا : التوجيهات والآداب الإسلامية، التي شرعها الخالق جل وعلا لعباده المؤمنين، لسعادتهم وراحتهم. ثانيا : الأحكام الإلهية التي تنظم حياة الأسرة والمجتمع تنظيما دقيقا. ثالثا : الحديث عن غزوتي (الأحزاب، وبني قريظة) بالتفصيل وما فيهما من العبر.
* أما الأولى : فقد جاء الحديث عن بعض الآداب الاجتماعية كآداب الوليمة، وآداب الستر والحجاب، وعدم التبرج، وآداب معاملة الرسول ( - ﷺ - ) واحترامه إلى أخر ما هنالك من آداب اجتماعية.
* وأما الثانية : فقد جاء الحديث عنها فى بعض الأحكام التشريعية مثل (حكم الظهار، والتبني، والإرث، وزواج مطلقة الابن من التبني، وتعدد زوجات الرسول الطاهرات والحكمة منه، وحكم الصلاة على الرسول ( - ﷺ - ) وحكم الحجاب الشرعي، والأحكام المتعلقة بأمور الدعوة إلى الوليمة) إلى غير ما هنالك من أحكام تشريعية.
* وأما الثالثة : فقد تحدلت السورة بالتفصيل عن (غزوة الخندق) التي تسمى " غزوة الأحزاب " وصورتها تصويرا دقيقا، بتضافر قوى البغي والشر على المؤمنين، وكشفت عن خفايا المنافقين، وحذرت من طرقهم في الكيد والتخذيل والتمبيط، وأطالت الحديث عنهم في بدء السورة وفي ختمها، حتى لم تبق لهم سترا، ولم تخف لهم مكرا، وذكرت المؤمنين بنعمة الله العظمى عليهم، في رد كيد أعدائهم، بإرسال الملائكة والريح، كما تحدثت عن غزوة (بني قريظة) ونقض اليهود عهدهم مع الرسول ( - ﷺ - ) وختمت بذكر الأمانة العظمى التي حملها الإنسان.
التسمية : سميت سورة الأحزاب لأن المشركين تحزبوا على المسلمين من كل جهة، فاجتمع كفار مكة مع " غطفان، وبني قريظة، وأوباشى العرب على حرب المسلمين، ولكن الله ردهم مدحورين وكفى المؤمنين القتال بتلك المعجزة الباهرة. (١)
مقصودها الحث على الصدق في الإخلاص في التوجه إلى الخالق من غير مراعاة بوجه ما للخلائق، لأنه عليم بما يصلحهم، حكيم فيما يفعله فهو يعلي من يشاء وإن كان ضعيفا، ويردي من يريد وإن كان قويا، فلا يهتمن الماضي لأمره برجاء لأحد منهم في بره ولا خوف منه في عظيم شره وخفي مكره، واسمها واضح في ذلك بتأمل القصة التي أشار إليها ودل عليها (٢)

(١) - صفوة التفاسير ـ للصابونى - (٣ / ٣٠)
(٢) - نظم الدرر ـ موافق للمطبوع - (٦ / ٦٧)


الصفحة التالية
Icon