وتبدأ سورة « سبأ » بقوله تعالى :« الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ » تبدأ بهذا الاستفتاح بحمد اللّه الذي له ما في السموات وما في الأرض.. وكأنها بهذا الاستفتاح تضع بين يدى الإنسان المفتاح الذي يحفظ به ما استودع من أمانات اللّه.. وهو حمد اللّه الذي له ما في السموات وما في الأرض. فحمد اللّه، هو ثمرة الإيمان باللّه، والمعرفة بجلاله، وعظمته، وما له في ذات الإنسان، من آيات الإحسان، وسوابغ النعم.. فمن آمن باللّه حق الإيمان، كان لسان ذكر وحمد وشكر، للّه ربّ العالمين، وذلك فيما يرى على ضوء هذا الإيمان من فضل اللّه، وإحسانه. (١)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة سبأ هي السورة الرابعة والثلاثون في ترتيب المصحف، أما في ترتيب النزول فهي السورة السابعة والخمسون، وكان نزولها بعد سورة لقمان.
٢ - وسورة سبأ من السور المكية الخالصة، وقيل هي مكية إلا الآية السادسة منها وهي قوله - تعالى - : وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ.
٣ - وعدد آياتها خمس وخمسون آية في المصحف الشامي، وأربع وخمسون آية في غيره.
وسميت بهذا الاسم، لاشتمالها على قصة أهل سبأ، وما أصابهم من نقم بسبب عدم شكرهم لنعم اللّه - تعالى - عليهم.
٤ - وتبدأ سورة سبأ بالثناء على اللّه - تعالى - : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ.
ثم تحكى السورة الكريمة جانبا من أقوال الكافرين في تكذيبهم ليوم القيامة، كما تحكى - أيضا - بعض أقوالهم الباطلة التي قالوها في شأن النبي - ﷺ - ثم ترد عليهم بما يخرس ألسنتهم.
٥ - ثم تنتقل السورة الكريمة إلى الحديث عن جانب من قصة داود وسليمان - عليهما السلام -، فتحكى ما آتاهم اللّه - تعالى - إياه من خير وقوة وكيف أنهما قابلا نعم اللّه - تعالى - بالشكر والطاعة، فزادهما - سبحانه - من فضله وعطائه : اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ.
وكعادة القرآن الكريم في جمعه بين الترغيب والترهيب، وبين حسن عاقبة الشاكرين، وسوء عاقبة الجاحدين.. جاءت في أعقاب قصة داود وسليمان - عليهما السلام -، قصة قبيلة سبأ، وكيف أنهم