ثم ختمت السورة الكريمة بتهديدهم بسوء العاقبة إذا ما استمروا في كفرهم وعنادهم، وأنهم سيندمون - إذا ما استمروا على كفرهم - ولن ينفعهم الندم. قال - تعالى - : وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ، إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ.
١٠ - وهكذا نرى سورة سبأ قد ساقت أنواعا من الأدلة على وحدانية اللّه - تعالى -، وعلى أن يوم القيامة حق، وعلى أن الرسول - ﷺ - صادق فيما يبلغه عن ربه.. كما أنها حكت شبهات المشركين، وردت عليهم بما يبطلها (١)
في السورة حكاية لأقوال وعقائد الكفار، وفصول مناظرة بينهم وبين النبي - ﷺ -، وإشارة إلى جهود الزعماء في التعطيل والصدّ واعتدادهم بالأولاد والأموال. وتنويه بالمؤمنين المخلصين. وإشارة إلى داوود وسليمان وما كان من إسباغ اللّه عليهما نعمه وشكرهما إيّاه. وإلى سبأ وما كان من رغدها وعدم شكرها ونقمة اللّه عليها، وفيها صور لما كان عليه الموقف في مكة بالنسبة للنبي - ﷺ - والمسلمين وزعماء الكفار وسوادهم ومعتدليهم ومتطرفيهم.
وفصول السورة مترابطة مما يسوّغ القول أنها نزلت دفعة واحدة أو متتابعة.
والمصحف الذي اعتمدنا عليه يروي أن الآية [٦] مدنية والرواية تتحمل التوقف لانسجام الآية الوثيق في السياق. (٢)
سورة سبأ مكيّة، وهي أربع وخمسون آية.
تسميتها :
سميت سورة سبأ للتذكير فيها بقصة سبأ، وهم ملوك اليمن، في قوله تعالى : لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ : جَنَّتانِ.. [١٥ - ١٦] فقد أنعم اللّه عليهم بالحدائق الغناء والأراضي الخصبة، فلما كفروا النعمة، أبادهم بسيل العرم.
مناسبتها لما قبلها :
تظهر صلة هذه السورة بما قبلها من وجوه ثلاثة : الأول - أن هذه السورة افتتحت ببيان صفات الملك التام والقدرة الشاملة التي تناسب ختام السورة السابقة في تطبيق العذاب وتقديم الثواب : لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ، وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ....

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١١ / ٢٥٩)
(٢) - التفسير الحديث لدروزة- موافق للمطبوع - (٤ / ٢٦٤)


الصفحة التالية
Icon