والتحذير من غرور الشيطان والتذكير بعداوته لنوع الإنسان. (١)
مناسبتها لما قبلها
بدأت سورة « سبأ » السابقة بالحمد للّه، والثناء عليه، وإضافة ما فى السموات وما فى الأرض إليه سبحانه وتعالى، ثم ختمت بعرض الكافرين على جهنّم وما يلقاهم من ضنك وبلاء هناك، وما يتمنونه من العودة إلى الحياة الدنيا، وأن ذلك ما لا يكون أبدا، وأنهم لو ردّوا لما آمنوا، لأنهم يحملون طباعا لا تتعامل إلا مع الضلال والكفر. وقد بدئت سورة « فاطر » هذه بحمد اللّه أيضا، والثناء عليه، وإضافة الوجود إليه إضافة إيجاد وخلق، بعد أن أضافته إليه سورة سبأ، إضافة ملك وتصريف.. ثم كان هذا الحمد ردّا على كفر الكافرين وشكّهم، وما جرّهم إليه هذا الكفر والشك من بلاء ونكال، فهو حمد من المؤمنين إذ عافاهم اللّه سبحانه وتعالى مما يلقى أهل النار من عذاب أليم. (٢)
مقدمة وتمهيد
١ - سورة فاطر هي السورة الخامسة والثلاثون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة الفرقان - كما ذكر صاحب الإتقان.
وهي من السور المكية الخالصة، وتسمى أيضا - بسورة « الملائكة ».
قال القرطبي : هي مكية في قول الجميع. وهي خمس وأربعون آية.
٢ - سورة فاطر هي آخر السور التي افتتحت بقوله - تعالى - : الْحَمْدُ لِلَّهِ وقد سبقها في هذا الافتتاح سور : الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ. قال - سبحانه - في افتتاح سورة فاطر : الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
٣ - ثم تحدث - سبحانه - بعد ذلك عن مظاهر نعمه على عباده ورحمته بهم، فقال :
ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ....
٤ - ثم توجه السورة الكريمة نداءين إلى الناس، تأمرهم في أولهما بشكر اللّه - تعالى - على نعمه، وتنهاهم في ثانيهما عن الاغترار بزينة الحياة الدنيا وعن اتباع خطوات الشيطان.. قال - سبحانه - : يا
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١١ / ٨٤٩)