قال القرطبي : وهي مكية بإجماع، وهي ثلاث وثمانون آية. إلا أن فرقة قالت : إن قوله تعالى - : وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ... نزلت في بنى سلمة من الأنصار، حين أرادوا أن يتركوا ديارهم، وينتقلوا إلى جوار مسجد الرسول - ﷺ -.
٢ - وقد ذكروا في فضلها كثيرا من الآثار، إلا أن معظم هذه الآثار ضعفها المحققون من العلماء، لذا نكتفي بذكر ما هو مقبول منها.
قال ابن كثير ما ملخصه : أخرج الحافظ أبو يعلى عن أبى هريرة قال : سمعت رسول اللّه - ﷺ - يقول :« من قرأ « يس » في ليلة أصبح مغفورا له »...
وأخرج ابن حيان في صحيحه، عن جندب بن عبد اللّه قال : قال رسول اللّه - ﷺ - :« من قرأ « يس » في ليلة ابتغاء وجه اللّه غفر له ».
وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن معقل بن يسار، أن رسول اللّه - ﷺ - قال :« البقرة سام القرآن، ويس قلب القرآن. لا يقرأها رجل يريد اللّه والدار الآخرة إلا غفر له، واقرءوها على موتاكم » أى : في ساعات الاحتضار وعند خروج الروح.
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان. قال : كان المشيخة يقولون : إذا قرئت - يعنى يس - عند الميت، خفف عنه بها.
وقال الآلوسى ما ملخصه : صح من حديث الإمام أحمد، وأبى داود، وابن ماجة، والطبراني، وغيرهم عن معقل بن يسار، أن رسول اللّه - ﷺ - قال :« يس قلب القرآن ».
وذكر أنها تسمى المعمّة، والمدافعة، والقاضية، ومعنى المعمة : التي تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة. ومعنى المدافعة التي تدفع عن صاحبها كل سوء، ومعنى القاضية : التي تقضى له كل حاجة - بإذن اللّه وفضله.
٣ - وقد افتتحت سورة « يس » بتأكيد صدق الرسول - ﷺ - فيما يبلغه عن ربه، وبتكذيب أعدائه الذين أعرضوا عن دعوته، وبتسليته عما أصابه منهم من أذى.
قال - تعالى - : يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ. لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. ٤ - ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك قصة أصحاب القرية، وما جرى بينهم وبين الرسل الذين جاءوا إليهم لهدايتهم، وكيف أهلك اللّه - تعالى - المكذبين لرسله...