ما ليس له مجموعا مع غيره كما يشاهد في بعض الأدوية ورجا أن يكون أقرب مما قدمنا وأنا لا أرجو ذلك، والظاهر أنه يكتب له الثواب المذكور مضاعفا أي كل حرف بعشرة حسنات ولا بدع في تفضيل العمل القليل على الكثير فلله تعالى أن يمن بما شاء على من شاء، ألا ترى ما صح أن هذه الأمة أقصر الأمم أعمارا وأكثرها ثوابا وأنكر الخصوصيات مكابرة، وللّه تعالى در من قال :
فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
وذكر بعضهم أن من قرأها أعطي من الأجر كمن قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي قلابة - وهو من كبار التابعين - أن من قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة.
وعن أبي سعيد أنه قال من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن مرتين.
وحديث العشر مرفوع عن ابن عباس ومعقل بن يسار وعقبة بن عامر وأبي هريرة وأنس رضي اللّه تعالى عنهم فعليه المعول (١)، ووجهه اتصالها بما قبلها على ما قاله الجلال السيوطي أنه لما ذكر في سورة [فاطر : ٣٧، ٤٢] قوله سبحانه : وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ وقوله تعالى : وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ إلى قوله سبحانه : فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ وأريد به محمد - ﷺ - وقد أعرضوا عنه وكذبوه افتتح هذه السورة بالإقسام على صحة رسالته عليه الصلاة والسلام وأنه على صراط مستقيم لينذر قوما ما أنذر آباؤهم وقال سبحانه في [فاطر : ١٣] وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ وفي هذه السورة وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها... وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ [يس : ٣٨] إلى غير ذلك ولا يخفى أن أمر المناسبة يتم على تفسير النذير بغيره - ﷺ - أيضا فتأمل. (٢)
* سورة يس مكية وقد تناولت مواضيع أساسية ثلاثة وهى :(الإيمان بالبعث والنشور، وقصة أهل القرية، والأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين ).
* ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بالقرآن العظيم على صحة الوحي، وصدق رسالة محمد ( - ﷺ - ) ثم تحدثت عن كفار قريش، الذين تمادوا في الغي والضلال، وكذبوا سيد الرسل محمد بن عبد الله، فحق عليهم عذاب الله وانتقامه. ثم ساقت قصة أهل القرية " إنطاكية " الذين كذبوا الرسل، لتحذر من عاقبة التكذيب بالوحي والرسالة، على طريقة القرآن في استخدام القصص للعظة والاعتبار.
* وذكرت موقف الداعية المؤمن (حبيب النجار) الذي نصح قومه فقتلوه فأدخله الله الجنة، ولم يمهل المجرمين بل أخذهم بصيحة الهلاك والدمار.

(١) - انظر كتابي الخلاصة في تفسير سورة يس حول فضائل السورة وتخريجها.
(٢) - روح المعانى ـ نسخة محققة - (١١ / ٣٨١)


الصفحة التالية
Icon