وفصول السورة وآياتها مترابطة منسجمة ومتوازنة مما يدلّ على وحدة نزولها أو تلاحق فصولها في النزول. وفيها قرائن على صحة ترتيب نزولها وبخاصة بعد سورتي القمر وق. (١)
سورة ص مكيّة، وهي ثمان وثمانون آية.
تسميتها : سميت سورة ص لافتتاحها بهذا الحرف العربي أحد أحرف الهجاء الثمانية والعشرين، للدلالة على أن هذا القرآن العظيم مكون ومنظوم من حروف الهجاء العربية، ومع ذلك لم يستطع العرب الفصحاء الإتيان بمثل أقصر سورة منه، فبدئ به بهذه السورة كغيرها من السور المبدوءة بحروف هجائية، بقصد تحدي العرب، وإثبات إعجاز القرآن.
مناسبتها لما قبلها :
تظهر صلة هذه السورة بما قبلها من وجهين :
الأول - أن اللّه تعالى حكى في آخر سورة الصافات التي قبلها قول الكفار :
لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ، لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ثم كفروا به، ثم افتتح هذه السورة بالقسم بالقرآن ذي الذكر، لتفصيل المجمل هناك.
الثاني - أن هذه السورة بعد الصافات، كطس - النمل بعد الشعراء، وكطه والأنبياء بعد مريم، وكيوسف بعد هود، في كونها متممة لها بذكر من بقي من الأنبياء ممن لم يذكر في تلك، مثل داود، وسليمان، وأيوب، وآدم، وأشار إلى بقية من ذكر.
مشتملاتها :
موضوع هذه السورة كسائر السور المكية في بيان أصول العقيدة الإسلامية «التوحيد، والنبوة، والبعث» من خلال مناقشة المشركين في عقائدهم المناقضة لتلك الأصول، وإيراد قصص الأنبياء للعظة والعبرة، وبيان حال الكفار والمشركين يوم القيامة، ووصف عذاب أهل النار، ونعيم أهل الجنة.
ابتدأت السورة بالوصف الناقد لصفات المشركين من الكبرياء وإباء الحق والإعراض عنه، مع تذكيرهم بعاقبة الماضين الذين حادوا عن الحق، فهلكوا، مثل قوم نوح وعاد وفرعون وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة.
ومن أهم تلك الصفات ثلاث : إنكار الوحدانية، وإنكار نبوة محمد ص، وإنكار البعث والحساب.
ثم ذكرت قصة داود وسليمان وأيوب مفصلا، وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل واليسع وذي الكفل مجملا عليهم السلام.