وإنذارهم بما حل بالأمم المكذبة من عذاب الدنيا ووعيدهم بعذاب الآخرة وشهادة سمعهم وأبصارهم وأجسادهم عليهم وتحذيرهم من القرناء المزينين لهم الكفر من الشياطين والناس وأنهم سيندمون يوم القيامة على اتباعهم في الدنيا وقوبل ذلك بما للموحدين من الكرامة عند الله.
وأمر النبي - ﷺ - بدفعهم بالتي هي أحسن وبالصبر على جفوتهم وأن يستعيذ بالله من الشيطان وذكرت دلائل تفرد الله بخلق المخلوقات العظيمة كالشمس والقمر. ودلائل إمكان البعث وأنه واقع لا محالة ولا يعلم وقته إلا الله تعالى وتثبيت النبي - ﷺ - والمؤمنين بتأييد الله إياهم بتنزل الملائكة بالوحي، وبالبشارة للمؤمنين وتخلل ذلك أمثال مختلفة في ابتداء خلق العوالم وعبر في تقلبات أهل الشرك. والتنويه بإيتاء الزكاة. (١)
مناسبتها لما قبلها
كان مما ختمت به سورة غافر، قوله تعالى :« وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ».. ثم جاءت الآيات بعد هذا لتذكّر بآيات اللّه الممثلة فى نعمه التي أنعم اللّه بها على عباده من الأنعام.. وتلتها آيات أخرى، تذكر بآيات اللّه فيما أخذ به الظالمين المكذبين من نقم، وقد كانوا أشد قوة وأكثر جمعا من هؤلاء المشركين، فما أغنى عنهم ذلك من بأس اللّه من شىء، وأنهم حين رأوا بأس اللّه فزعوا إلى الإيمان، ولكن بعد فوات الأوان، فلم يكن ينفعهم إيمانهم هذا.. ثم جاءت سورة فصلت، لتصل هذا الحديث، الذي يذكّر بآيات اللّه، وينذر المكذبين الضالين بعذاب شديد، فتبدأ السورة بذكر القرآن الكريم وما يحمل من آيات بينات، فصّلت بلسان عربى مبين.. فإذا كان المشركون قد عموا عن أن ينظروا فى هذه النعم التي بين أيديهم، والتي تتمثل فى الأنعام، التي منها ركوبهم، ومنها يأكلون، ثم عموا كذلك عن أن يروا ديار القوم الظالمين، وما نزل بها من نقم، اللّه وأنها قد أصبحت ترابا يمشون عليه، وقد اختلط فيه الآدميون بالحيوان، والنبات، والأثاث ـ إذا كان المشركون قد عميت أبصارهم عن أن ترى هذه الآيات، أو تلك، فليسمعوا بآذانهم هذه الآيات، التي هى كلمات اللّه إليهم، تدعوهم إليه بلسان عربى مبين، وتكشف لهم معالم الطريق إلى الهدى ودين الحق.. (٢)
مقدمة وتمهيد
(٢) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٢ / ١٢٧٧)