وذلك: أن عدي بن زيد - مولى عمرو بن العاص - وتميم بن أوس الداريين، عمدا إلى مولى لابن العاصي فقتلاه وأخذ ماله، ثم شهد لهما شاهدان أنهما ما أخذا شيئا، وظهر لهما بعد ذلك ثوب وجد بمكة يباع في السوق بالليل، فقبضوا على المنادي وقالوا: من أي لك هذا؟ فقال: دفعه تميم الداري وعدي بن زيد. فرفعوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية.
وأمر رسول الله ﷺ أن يشهد على الشاهدين الأولين شاهدان، فيبطل به شهادة الأولين.
وهذا في غير شهادة الإسلام.
ثم ذلك منسوخ بالآية التي في سورة النساء من قوله تعالى: (فَاِستَشهِدوا عَلَيهِنَّ أَربَعَةً مِنكُم) وقوله تعالى: (وَأَشهِدوا ذَوي عَدلٍ مِنكُم). فبطلت شهادة الذميين في السفر والحضر.
الآية التاسعة: قوله تعالى: (ذَلِكَ أَدنى أَن يَأتوا بِالشَهادَةِ عَلى وَجهِها) أي على حقيقتها (أَو يَخافوا أَن تُرَدَّ أَيمانُ بَعدَ أَيمانِهم) إلى ههنا منسوخ، والباقي محكم.
نسخ المنسوخ منها لقوله (وَأَشهِدوا ذَوي عَدلٍ مِنكُم).
سورة الأنعام
نزلت بمكة، إلا تسع آيات منها.
تحتوي من المنسوخ على خمسة عشرة آية: الآية الأولى: قوله تعالى: (قُل إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ).
نسخت قوله تعالى: (لِيَغفِرَ لَكَ اللَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَما تَأَخَّرَ).
الآية الثانية: قوله تعالى: (وَكَذَّبَ بِهِ قَومُكَ وَهُو الحَقَّ).
والمنسوخ قوله: (لَستُ عَلَيكُم بِوَكيل) نسخ المنسوخ منها بآية السيف.
الآية الثالثة: قوله تعالى: (وَإِذا رَأَيتَ الَّذينَ يَخوضونَ في آياتِنا فَأَعرِض عَنهُم) إلى قوله: (وَما عَلى الَّذينَ يَتَّقونَ مِن حِسابِهم مِن شَيءٍ وَلكِن ذِكرى لَعَلَّهُم يَتَّقونَ) كان ذلك في أول الأمر.
نسخ ذلك بقوله: (فَلا تَقعُد مَعَهُم حَتّى يَخوضوا في حَديثٍ غَيرِه).
الآية الرابعة: قوله تعالى: (وَذَرِ الَّذينَ اِتَّخَذوا دينَهُم لَعِباً وَلهواً).
يعني اليهود والنصارى.
نسخها الله تعالى بقوله: (قاتِلوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِاليَومِ الآخِر).
الآية الخامسة: قوله تعالى: (قُلِ اللَهُ ثُمَّ ذَرهُم في خَوضِهِم يَلعَبونَ).
منها محذوف وتقديره: قل الله أنزله، ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.
فأمر الله بالإعراض عنهم، ثم نسخ بآية السيف.
الآية السادسة: قوله تعالى: (فَمَن أَبصَرَ فَلنَفسِهِ وَمَن عَمِيَ فَعَلَيها وَما أَنا عَلَيكُم بِحفيظٍ).
نسخت بآية السيف.
الآية السابعة: قوله تعالى: (اِتّبِع ما أوحِيَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ لا إِلىَ إِلّا هُوَ).
نسخ ذلك بآية السيف.
الآية الثامنة: قوله تعالى: (وَما جَعَلناكَ عَلَيهِم حَفيظاً وَما أَنتَ عَلَيهِم بِوَكيلٍ).
نسخ بآية السيف.
الآية التاسعة: قوله تعالى: (وَلا تَسُبّوا الَّذيَ يَدعونَ مِن دونِ اللَهِ فَيَسُبّوا اللَهَ عَدواً بِغَير عِلم).
نهاهم الله تعالى عن سب المشركين بما هو ظاهر الأحكام. وباطنها باطن المنسوخ، لأن الله تعالى أمر بقتلهم، والسب يدخل في جنب القتل، وهو أغلظ وأشنع.
نسخ ذلك بآية السيف.
الآية العاشرة: قوله تعالى: (وَلَو شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلوه) هذا محكم، والمنسوخ: (فَذَرهُم وَما يَفتَرون).
نسخ بآية السيف.
الآية الحادية عشرة: قوله تعالى: (وَلا تَأكُلوا مِمّا لَم يُذكَر اِسمُ اللَهِ عَلَيه).
نسخ ذلك بقوله عز وجل في سورة المائدة: (اليَومَ أُحِلَّ لَكُم الطَيِّباتِ وَطَعامُ الَّذينَ أوتوا الكِتابَ حِلٌّ لَكُم وَطَعامُكُم حِلٌّ لَهُم).
والطعام ههنا الذبح.
الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: (قُل يا قَومِ اِعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّي عامِلٌ) إلى قوله (إِنّه لا يُفلِحُ الظالِمون).
نسخ ذلك بآية السيف.
الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى: (فَذَرهُم وَما يَفتَرون).
نسخ ذلك بآية السيف.
الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: (قُل اِنتَظِروا إِنّا مُنتَظرون).
نسخ ذلك بآية السيف.
وقد اختلف المفسرون في قوله: (فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ): فقالت: هو على طريق التهديد.
وقالت الأخرى: بل هو منسوخ بآية السيف.
وآية السيف نسخت من القرآن مائة آية وأربعا وعشرين آية.
سورة الأعراف