قال ابن كثير: وهذه - أى قراءة ابن مسعود - إذا لم يثبت كونها قرآناً متواتراً، فلا أقل من أن تكون خبر واحد، أو تفسيراً للصحابة وهو فى حكم المرفوع. ([٥٠]) ولهذا اعتبرها العلماء مقيدة لمطلق الصوم فى كفارة اليمين. ([٥١])
الصورة الرابعة
الخلاف حول اشتراط التواتر فى قبول القراءة أو عدمه
وكذلك فى محلها وترتيبها
مسألة اشتراط التواتر أو عدمه فى قبول القراءة بحثت بحثاً مستفيضاً فى كتب القراءات وعلوم القرآن. وحاصل ما ذكر فيها أن العلماء اختلفوا فيما بينهم هل يشترط فى قبول القراءة التواتر، أم يكفى فيها أن تكون صحيحة مشهورة، فتحصل من ذلك قولان:
الأول: وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء، حيث اشترطوا التواتر فى إثبات كل ما هو قرآن، وحكموا بأن القراءات السبع متواترة، بل ذكر صاحب المناهل أن التحقيق أن القراءات العشر متواترة. ([٥٢])
الثانى: وهو ما ذهب إليه بعض العلماء حيث قالوا: إن التواتر ليس شرطاً فى إثبات القرآنية، بل يكفى أن تكون القراءة صحيحة مشهورة، مضافاً إلى ذلك موافقتها لرسم المصحف ولبعض وجوه العربية كما مضى، وقد سبق أن ذكرت أن هذين الركنين الأخيرين يقويان من رتبة القراءة صحيحة السند بما يجعلها فى رتبة المتواتر أو تدانيها، وهذا يجعل هو الخلاف بين الرأيين المذكورين ليست بعيدة.
ثم إنهم اختلفوا كذلك هل التواتر شرط فى إثبات القرآنية فى المحل والترتيب أم لا؟
مسألة حولها خلاف كذلك يظهر أثرها فى البسملة فى بداية كل سورة هل هى آية منها أم لا؟ هذا على وجه العموم، وعلى وجه الخصوص اختلف كذلك هل هى آية من سورة الفاتحة أم لا؟
خلاف بين القراء حول اعتمادها آية أو عدمه ترتب عليه خلاف بين الفقهاء حول وجوب قراءة البسملة فى الفاتحة فى الصلاة أو عدمه.
علماً بأنهم قد اتفقوا على وجوب كتابتها فى المصاحف فى أول كل سورة، لكن الخلاف هو فى كونها آية من الفاتحة ومن كل سورة أم لا.