" الإِحسان إلى الوالدين " " في القرآن الكريم "
تعريف الإِحسان:
نقل الأزهري عن الليث أنه قال: الحسن نعت لما حسن، تقول: حسن الشيء حسنا، وقال الله عز وجل: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ وقرئ ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حَسَناً﴾ ١. ووجه القراءتين بأن القراءة بالفتح المراد بها: قولا حَسَنا، وقراءة الضم والسكون (حُسْنا) المراد بها: المصدر من حسن يحسن حسنا، فتكون أعم من قراءة الفتح.
وأما تعريفه في الاصطلاح: فالإحسان ضد الإساءة، ولما سئل النبي ﷺ في حديث جبريل عليه السلام فسره بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك"٢. وقد فسر الحافظ ابن رجب رحمه الله هذا الجزء من الحديث بأن المراد منه استحضار مراقبة العبد ربه في كل ما يقول ويعمل، كأنه بين يديه سبحانه، بما ينتج عن ذلك الخوف والخشية والإخلاص والنصح في العبادة عموماً٣.
وقد تنوع ورود الإِحسان في القرآن الكريم وتكرر على معان متعددة، "تارة مقروناً بالإِيمان، وتارة مقروناً بالإِسلام، وتارة مقروناً بالتقوى أو العمل الصالح"٤، وغير ذلك من المعاني الأخرى.
وسأقصر الحديث في هذا الموضع على الإِحسان فيما يتعلق بشأن الوالدين، وإن شأنهما لعظيم عند الله، والدليل على ذلك كون الله سبحانه ربط الوالدين بعبادته سبحانه في قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً... ﴾ الآية٥.
٢ جزء من حديث طويل، رواه مسلم في الإِيمان رقم ١ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
٣ انظر جامع العلوم والحكم ص ٠٣١ الطبعة الثالثة.
٤ جامع العلوم والحكم ص ٣٠، ٣١. الطبعة الثالثة.
٥ انظر في ظلال القرآن (٥/٣١٧).