قال تعالى: ﴿وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ... ﴾ النساء: ١٩.
وقال تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ... ﴾ البقرة: ٢٣٢.
والعضل للمرأة من رواسب الجاهلية وعاداتها البغيضة، وقد بقي أثره في الناس، حتى في الإسلام، لكن عولج بالنهي المقتضي للتحريم بلا هوادة أو تراخ فيه، والعضل في هاتين الآيتن مختلف، وإن كانت نتيجته واحدة.
فالعضل المذكور في آية النساء المراد به: الإضرار بالمرأة في عيشتها، وقهرها من أجل أن تتنازل بحقها أو ببعضه من الصداق أو أي حق سواه.
قال ابن عباس في قوله: ﴿وَلا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ : يقول: ولا تقهروهن ﴿لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ : يعني الرجل تكون له المرأة، وهو كاره لصحبتها، ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي به.
قال ابن كثير: وكذا قال الضحاك وقتادة وغير واحد، واختاره ابن جرير١.
وأما العضل المذكور في آية البقرة، فالمراد به: منع المرأة من الرجوع إلى زوجها بعد انتهاء عدتها، وهي راغبة فيه، وهو كذلك.
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين، فتنقضي عدتها، ثم يبدو له أن يتزوجها، وأن يراجعها، وتريد المرأة ذلك، فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها.
قال ابن كثير: وكذا روى العوفي عنه عن ابن عباس أيضا، وكذا قال مسروق وإبراهيم النخعي والزهري والضحاك أنها نزلت في ذلك، وهذا الذي قالوه ظاهر من الآية٢.
والحديث الصحيح يوضح ذلك ويبينه، فعن معقل بن يسار رضي الله عنه أنه زوج أخته رجلا من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها

١ تفسير القرآن العظيم (٢/٢٢٨).
٢ المصدر نفسه (١/ ٥٠٠).


الصفحة التالية
Icon