والإسلام له جانبان متلازمان ومترابطان لا ينفك أحدهما عن الآخر الأول العقائد والثاني التشريع. إذاً الإسلام عقيدة وشريعة والترابط بين العقيدة والشريعة ترابط قوي لا ينفصل أحدهما عن الآخر فلا شريعة بلا عقيدة، ولا عقيدة بلا شريعة فالفصل بينهما فصل لوجهين لعلمة واحدة.
أصول العقيدة:
أما أصول العقيدة فهي المعروفة والمشهورة بأركان الإيمان وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره:
والدليل على هذه الأركان قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ الآية١٧٧ البقرة.
ودليل القدر قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ القمر (٤٩-٥٠) وقوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ الفرقان ٢ وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ الإنسان ٣.
قال الثوري في تفسير آية البقرة ﴿لَيْسَ الْبِرَّ﴾ "هذه أنواع البر كلها". قال ابن كثير معلقا على قوله هذا: "وصدق رحمه الله فإن من اتصف بهذه الآية، فقد دخل في عرى الإسلام كلها، وأخذ بمجامع الخير كله، وهو الإيمان بالله وأنه لا إله إلا هو، وصدق بوجود الملائكة الذين هم سفرة بين الله ورسوله، والكتاب وهو إسم جنس يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء حتى ختمت بأشرافها وهو القرىن المهيمن على ما قبله من الكتب، الذي إنتهى إليه كل خير واشتمل على كل سعادة في الدنيا والآخرة، ونسخ به كل ما سواه من الكتب قبله، وآمن بأنبياء الله كلهم من أولهم إلى خاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين"١.
وقال ابن كثير في تفسير آية القمر: "ولهذا يستدل بهذة الآية الكريمة أئمة السنة على قدر الله السابق لخلقه وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برئها٢الخ".
٢ تفسير ابن كثير ٦/٤٧٩. ط دار الفكر.