قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ البقرة آية ٣٥.
وهذا السؤال الصادر من الملائكة لربهم سؤال استكشاف واستعلام عن الحكمة من خلق بني آدم كما قرر هذا ابن كثير: "فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك أي نصلي لك... الخ"١.
وقال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ البقرة ٣١. قال ابن كثير: "هذا تقديس وتنزيه من الملائكة لله تعالى أن يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء، وأن يعلموا شيئاً إلا ما علمهم الله تعالى ولهذا قالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ وهو أي العليم بكل شيء الحكيم في خلقك وأمرك وفي تعليمك ما تشاء ومنعك ما تشاء لك الحكمة في ذلك والعدل التام٢ وقال تعالى: ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي الله وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ الرعد آية ١٣. وقال تعالى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ الأنبياء آية. ٢٠. وهذا إخبار من الله سبحانه عن حال الملائكة وعبوديتهم له سبحانه وأن دأبهم طاعته ليلا ونهارا دون تعب ولا ملل ٣ وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ سبأ (٤٠، ٤١).
وهذا موقف من الملائكة يوم يقوم الأشهاد وتقف الخلائق بين يديه سبحانه وتكون الخصومة والمسألة فلما تسأل الملائكة عن صنيع البشر في عبادتهم إياهم يهرعون إلى الله بالتنزيه والتقديس والتعالي والتوحيد أن يكون معه إله يعبد بل العبادة لك وحدك ونحن
٢ تفسير القرآن العظيم ١/١٢٨دار الفكر.
٣ تفسير القرآن العظيم٤/٥٥٦. ط دار الفكر.