عبيدك الطائعون نبرأ إليك مما ألصق بنا واتهمنا به ونتبرأ من كل من أشرك مع الله غيره ١ وقال تعالى: ﴿وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ الصافات (١٦٤-١٦٦). إجمال ثم تفصيل. هذا الخلق له مقام معلوم يقوم بما كلف به دون إخلال به أو التجاوز والتعدي فيه بل هم يقفون صفوفاً في طاعتهم وفي هذه الهيئة من الجمال في أداء الطاعة ما لا يستطيع الوصف بيانه. ولذا شبهت صفوف المسلمين في الصلاة في الحياة الدنيا كصفوف الملائكة.
عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال صلي الله عليه وسلم: "فضلنا عن الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء" ٢.
واصطفاف الملائكة هنا من أجل تسبيح الله سبحانه وتعظيمه وتنزيه عن العيوب والنقائص.
يقول ابن كثير في معنى قوله ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ أي نصطف فنسبح الرب ونمجده ونقدسه وننزهه عن النقائص فنحن عبيد له فقراء إليه خاضعون لديه ٣.
وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أن الملائكة يوم القيامة يحفون بالعرش مسبحين لله وحامدين ومنزهين لله تعالى من الجور والنقائص.
قال تعالى: ﴿وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الزمر ٧٥.
قال ابن كثير: "أخبر عن ملائكته أنهم محدقون من حول العرش المجيد يسبحون بحمد ربهم ويمجدونه ويعظمونه ويقدسونه وينزهونه عن النقائص والجور وقد فصل القضية وقضي الأمر وحكم بالعدل"٤.
وفصل القول سبحانه فيمن يحمل العرش ومن حوله في آية غافر فقال سبحانه

١تفسير القرآن العظيم ٥/٥٥٩ ط دار الفكر
٢رواه مسلم في كتاب المساجد ١/٣٧١ رقم ٤
٣تفسير القرآن العظيم ٦/ ٤٠ ط دار الفكر
٤تفسير القرآن العظيم ٦/١١٨. ط دار الفكر.


الصفحة التالية
Icon