وتنفيذ الملائكة لهذا السجود لآدم عليه السلام هو تنفيذ لأمر الله وامتثالا له وتعظيماً واحتراماً لما أمر به سبحانه وهو في الوقت نفسه كرامة من الله سبحانه امتن بها على أبينا آدم حيث أسجد له ملائكته. كما ورد في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ ِ قال: "يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا إلى ربك... " ١ الحديث.
قال قتادة "فكانت الطاعة لله والسجدة لآدم، أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته"٢.
د- قبض الأرواح:
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولَئِكَ عَسَى الله أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ الله عَفُوّاً غَفُوراً﴾ النساء (٩٧-٩٩).
وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ﴾ الأنعام ٦١.
والمراد بالرسل هنا الملائكة الموكّلون بقبض الأرواح.
قال ابن عباس: "لملك الموت أعوان من الملائكة يخرجون الروح من الجسد فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم"٣.
قال ابن كثير: "وقوله (لا يفرطون) أي في حفظ روح المتوفى بل يحفظونها وينزلونها حيث شاء الله عز وجل، إن كان من الأبرار ففي عليين، وإن كان من الفجار ففي سجين عياذاً بالله من ذلك "٤
٢تفسير القرآن العظيم ١/١٣٥.
٣تفسير القرآن العظيم ١/١٣٥. دار الفكر.
٤تفسير القرآن العظيم ٣/٣٣.