الأول: حفظهم للعبد في حله وترحاله وفي نومته ويقظته من كل سوء وحدث. قال تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ الرعد آية ١١. قال ابن عباس: " المعقبات من الله هي الملائكة. وعنه قال "ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه"١ وقال مجاهد: "ما من عبد إلا له ملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإِنس والهوام، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال له: "الملك وراءك إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه" وقال تعالى: ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً﴾ الأنعام آية٦١". قال ابن كثير: "أي من الملائكة يحفظون بدن الإنسان ٢ قلت ويحتمل أن المراد منها أيضا حفظ أعمال بني آدم خيرها وشرها. فإن لفظ حفظة نكرة. وقد وردت في سياق الإثبات فهي تفيد الإطلاق.
قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَكْلأُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ الأنبياء٤٢.
وقال تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ قال ابن كثير: "أي كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات كما قال تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله إِنَّ الله﴾ "٣.
الثاني: حفظ أعمال العباد خيرها وشرها. قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ﴾ الأنعام ٦١. وسبق أن ذكر أن الحفظة هنا يحتمل الأمرين حفظ الإِنسان، وحفظ أعماله. لكن ورد ما هو نص في حفظ الأعمال. قال تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ الانفطار (١٠-١٢). قال ابن كثير "يعنى وإن عليكم لملائكة حفظة كراماً فلا تقابلوهم بالقبائح فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم"٤. وقال تعالى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ق آية ١٧-١٨.

١تفسير القرآن العظيم٤/٧٣. ط دار الفكر.
٢تفسير القرآن العظيم ٣/٣٣. ط دار الفكر
٣تفسير القرآن العظيم ٧/٣٦٥. ط دار الفكر.
٤تفسير القرآن العظيم ٧/٢٣٤. ط دار الفكر.


الصفحة التالية
Icon