وقال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ القدر آية (٤-٥). وهذا النص ذكر تنزيل الملائكة عموماً ثم تنزيل الروح - وهو جبريل عليه السلام - خصوصاً وهو من باب عطف الخاص على العام١ ونزول الملائكة أو تنزيلهم مشروط بإذن الله سبحانه لهم. قال تعالى: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ مريم آية ٦٤.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ لجبريل: "ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فنزلت ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا﴾ ٢ وقد ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ كان يدارس القرآن مع جبريل عليه السلام كل عام مرة إلا في العام الذي قبض فيه فإنه عرض القرآن مرتين.
ثانيا: النزول عند تلاوة القرآن الكريم:
عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: "بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكنت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت وسكت الفرس ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف.
وكان ابنه يحي قريباً منها فأشفق أن تصيبه فلما أجتَّره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها فلما أصبح حدث النبي ﷺ فقال له اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير. قال فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحي، وكان منها قريباً فرفعت رأسي فانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها قال: وتدري ما ذاك؟ قال لا قال "تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحتْ ينظر الناس إليها لا تتواري منهم" ٣.
ثالثا: النزول عند حلق الذكر والقعود معهم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلاء يتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضاً
٢رواه البخاري في التفسير باب وما نتنزل إلا بأمر ربك ٩/٤٢٨ مع الفتح.
٣ رواه البخاري في فضائل القرآن باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن ٩/٦٣ مع الفتح.