قال تعالى: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً﴾ نوح ٧.
١٥- العصيان والمكر الكبار مع الإصرار على الآلهة الباطلة وتضليل الناس قال تعالى: ﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلا خَسَاراً وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالاً﴾ نوح ٢١-٢٤.
مواقف نوح - عليه السلام -.
لقد اصطفى الله سبحانه نوحا - عليه السلام - كما اصطفى غيره من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام- على سائر أهل الأرض لما قام به من الدعية إلى دين الله، والصبر على ما لاقى من ذلك مع رباطة في الجأش وحزم في الرأي وقوة في الإرادة وثبات في الطريق، ووضوح في المنهج ونصح في القول، وتخوف على القوم، وتحد للباطل وأهله مع قوة توكل على ربه ولجوء إليه من البدء حتى النهاية.
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ آل عمران ٣٣-٣٤.
يقول ابن كثير: "واصطفى نوحا عليه السلام وجعله أول رسول بعثه إلى أهل الأرض لما عبد الناس الأوثان، وأشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا، وانتقم له لما طالت مدته بين ظهراني قومه يدعهم إلى الله ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، فلم يزدهم ذلك إلا فرارا، فدعا عليهم، فأغرقهم الله عن أخرهم، ولم ينج منهم إلا من اتبعه على دينه الذي بعثه الله به "١ اهـ.
وإن هذا المقام الذي قام به نوح - عليه السلام - في قومه مع ما وجد منهم لمقام عظيم لا يقوم به إلا المصطفون الأخيار ألف سنة إلا خمسين عاما وهو يتودد إليهم ويدعوهم بالليل والنهار والسر والعلانية. وما آمن معه إلا قليل.

١تفسير القرآن العظيم ٢/٣٠. ط دار الفكر.


الصفحة التالية
Icon