قال ابن زيد: افترض الله الصلاة والزكاة وأبى أن يفرق بينهما وأبى أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة١.
ثالثا: إن المرء يستحق أخوة الِإيمان والدخول في جماعة المسلمين إذا حقق ثلاثة أمور وهي: الشهادة والصلاة والزكاة، قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ التوبة ١١.
قال الزين ابن المنير معلقا على هذه الآية: لأنها تضمنت أنه لا يدخل في التوبة من الكفر وينال أخوة المؤمنين في الدين إلا من أقام الصلاة وآتى الزكاة. أهـ ٢.
رابعا: إن الله سبحانه لا يقبل توبة المشرك به إلا إذا حقق الثلاثة الأمور السابقة، وهي الشهادة والصلاة والزكاة.
قال تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ التوبة ٥
يقول ابن كثير رحمه الله ت ٧٧٤ هـ.
"ولهذا اعتمد الصديق رضي الله عنه لا قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها، حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الأفعال، وهي الدخول في الإسلام والقيام بأداء واجباته، ونبه بأعلاها على أدناها، فإن أشرف الأركان بعد الشهادة الصلاة التي هي حق الله عز وجل، وبعدها أداء الزكاة التي هي نفع متعد للفقراء والمحاويج، وهي أشرف الأفعال المتعلقة بالمخلوقين، ولهذا كثيرا ما يقرن الله بين الصلاة والزكاة"٣. ويقول القرطبي رحمه الله:
"والأصل أن القتل متى كان للشرك يزول بزواله، وذلك يقتضي زوال القتل بمجرد التوبة من غير اعتبار إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولذلك سقط القتل بمجرد التوبة قبل وقت الصلاة والزكاة، وهذا بين في هذا المعنى، غير أن الله تعالى ذكر التوبة، وذكر معها لشرطين آخرين، فلا سبيل إلى الغائهما"٤.
٢ تفسير القرآن العظيم (٣/ ٦٥). ط دار الشعر.
٣ فتح الباري (٣/ ٢٦٧).
٤ الجامع لأحكام القرآن (٨/ ٧٤).