وحاصل الكلام أن هذه المسألة من المسائل التي أحدثها بعض المتأخرين، وتكلفوا ذكر الأقوال فيها وتفريعها، وسكت عنها السلف، سوى ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله في مقدمته، ولعل مراده مما ذكره : الرد على المتفلسفة وأهل الإلحاد في عصره الذين زعموا أن النبي ﷺ لم يبلغ معاني كلام ربه بلاغاً مبيناً سوى الألفاظ،
بل منهم من صرح بذلك بقوله : إن المصلحة كانت في كتمان معاني هذه الألفاظ، وعدم تبليغها للأمة، إما لمصلحة الجمهور، ولكونهم لا يفهمون المعاني إلا في قوالب الحسيات وضرب الأمثال، وإما ليُعمل الناس عقولهم ويكدحوا في استنباط معانيها، واستخراج تأويلاتها من وحشي اللغات وغرائب الأشعار طلباً للأجر(١).
وأهل السنة جميعاً متفقون على أن النبي ﷺ بلغ البلاغ المبين، وامتثل أمر ربه في بيان ما أنزل إليه من الذكر، وما لم يبينه بقوله، فهو إما لوضوحه، أو بينه بفعله. والله تعالى أعلم.
أهم مصادر التفسير بالسنة :
إن أهم مصادر التفسير بالسنة : كتب السنة التي عنيت بجمع الأحاديث، كالصحاح والمسانيد والسنن.. وبعضهم قد خصص في مصنفه باباً أو كتاباً خاصاً بالتفسير، يذكر فيه ما بلغه من الأحاديث المسندة في تفسير القرآن الكريم. ومن آخر ما صدر في ذلك كتاب ( جامع التفسير من كتب الأحاديث ) في أربع مجلدات تحوي الأحاديث والآثار المروية في التفسير من الكتب الستة ومسند الإمام أحمد، قام بجمعها عدد من المختصين بإشراف خالد بن عبد القادر عقدة.
ومن الكتب الجامعة في ذلك، كتاب ( مرويات الإمام أحمد بن حنبل في التفسير ) في أربع مجلدات أيضاً، جمع وتخريج حكمت بشير ياسين.

(١) ذكر ذلك ابن القيم في مختصر الصواعق : ص٥١٠، وفصل القول في ذلك شيخ الإسلام في ( درء تعارض العقل والنقل ) ١/٩.


الصفحة التالية
Icon