(تعالى) بإحكامه وأخبر بحفظه وعصم رسوله من الغلط والسهو فيه بخلاف السنة فإنها لم تأت مروية عن جميع أهل القبلة بل عن الواحد والاثنين أو من لم يبلغ عددهم عدد من أجمع على القرآن فهما قطعاً غير متساويين في الإعجاز والحفظ والنقل. قال بعض المحققين: وأجود ما قيل هو: أن السنة مبينة لا ناسخة، كما جاء عنه في آية الزواني في قوله (تعالى): "أو يجعل الله لهن سبيلاً" فقال (عليه السلام): خذوا عني فقد جعل الله لهنّ سبيلاً وبيّن السبيل ما هو بآية الجلد.
٤) الرابع نسخ السنة بالسنة: وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، وهو كثير نحو حديث مسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، وهذا يعرفه أهل العلم بالآثار.
فائدة في كيفية معرفة الناسخ والمنسوخ والمكي والمدني:
والذي يحتاج إليه الناظر في الناسخ والمنسوخ من السنة والقرآن: معرفة التاريخ فينسخ المتقدم بالمتأخر إذ هو المعتبر ولا يعتبر ذلك بمواقع الآي من المصحف لأنه قد جاء فيه الناسخ في الترتيب قبل المنسوخ كما في آيتي عدة الوفاة. ويجب أن نعلم ما نزل بمكة من السور والآيات وما نزل بالمدينة لأنه أصل كبير في معرفة الناسخ والمنسوخ لأن الناسخ المنزل بمكة إنما نسخ ما قبله من المنزل بها، والمنزل بالمدينة نسخ ما قبله من المدني والمكي. ونزول المنسوخ بمكة كثير ونزول الناسخ بالمدينة كثير. قال بعضهم مما يستدل به على المكي أن كل سورة فيها "يا أيها الناس" وليس فيها "يا أيها الذين آمنوا" فهي مكية، وفي الحج خلاف، وكل سورة فيها "كلا" فهي مكية، أو في أولها حروف المعجم فهي مكية إلا البقرة وآل عمران، وفي الرعد خلاف، وكل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية سوى العنكبوت. قال ابن هشام عن أبيه: أن كل سورة ذكرت فيها الحدود والفرائض فهي مدنية، وكل ما كان فيه ذكر القرون الماضية في الأزمنة الخالية فهي مكية. قالوا: وكل آية نزلت في الصفح والإعراض فهي مكية.