٣) قوله (تعالى): "اتقوا الله حق تقاته"، ولما نزلت قالوا: يا رسول الله فما حق تقاته؟ فقال (عليه الصلاة والسلام)" إن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر، فقالوا: ومن يطيق ذلك؟ فانزعجوا لنزولها انزعاجاً عظيماً، ثم نزلت بعدها آية تؤكد حكمها وهو قوله (تعالى): "وجاهدوا في الله حق جهاده"، فكانت هذه عليهم أعظم من الأولى ومعناها: اعملوا لله حق عمله، وهو جهاد الكفار أو جهاد النفس والهوى وهو الجهاد الأكبر، ولا تخافوا في الله لومة لائم فكادت عقولهم تذهل، فلمّا علم الله ما نزل بهم يسّر وخفف فنسخها بقوله (تعالى): "فاتقوا الله ما استطعتم"، فكان هذا يسراً من العسر وتخفيفاً من التشديد.
سورة النساء: فيها من المنسوخ عشرون آية:
١) قوله (تعالى): "وإذا حضر القسمة أولوا القربي واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفاً": أجمع المفسرون على نسخها بآية الميراث، واختلفوا في تقريرها، قال مجاهد: كأن يجعل لجميع الأقارب في المال حظاً، وقال آخرون: كانت القسمة لأولي القربى الوارثين خاصة، وأمروا أن يقولوا لليتامى والمساكين قولاً معروفاً وأن يرزقوهم ما طابت به أنفسهم. قال الحسن: كانوا يعطون التابوت والأواني وورث الثياب والمتاع الذي يستحى من قسمته.
٢) قوله (تعالى): "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذريةً ضعافاً خافوا عليهم، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديداً". وذلك أن الله (تعالى) أمر الأوصياء بإمضاء الوصية لئلا يغير ما رسم الوصي، ثم نسخ فيها الجور والحيف بقوله (تعالى): "فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه".


الصفحة التالية
Icon