ومع هذا التصريح من علي - رضي الله عنه - فقد زعم قوم أن أول من جمع القرآن هو علي رضي الله عنه وقد رد عليهم الألوسي فقال: - وما شاع أن عليا -كرم الله وجهه - لما توفي رسول الله ﷺ تخلف لجمعه. فبعض طرقه ضعيفة، وبعضها موضوع، وما صح فمحمول كما قيل على الجمع في الصدر، وقيل كان جمعاً بصورة أخرى لغرض آخر، ويؤيده أنه قد كتب فيه الناسخ والمنسوخ فهو ككتاب علم" (١) ولهذا روي أن أول من جمعه عمر رضي الله عنه، كما روي أن أول من جمعه سالم مولى أبي حذيفة، أقسم أن لا يرتدي برداء حتى يجمعه. وكل ذلك محمول على ما حمل عليه جمع علي رضي الله عنه بل ذكر ابن حجر وغيره أن جمع علي رضي الله عنه كان حسب ترتيب النزول وذكر النهاوندي - أحد مفسري الرافضة - "أن الكتاب الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السلام كان فيه بيان شأن نزول الآيات. وأسماء الذين نزلت فيهم وأوقات نزولها وتأويل متشابهاتها وتعيين ناسخها ومنسوخها، وذكر عامها وخاصها، وبيان العلوم المرتبطة بها، وكيفية قراءتها" (٢) وإن صح هذا - مع استحالته - فليس هو بجمع للقرآن وإنما هو كتاب في علوم القرآن. وإنما قلت مع استحالته فلأن جمعه حسب ترتيب النزول غير ممكن فقد
_________
(١) روح المعاني: الألوسي، ج١، ص٢٢.
(٢) نفحات الرحمن: ج١، ص٨-١٢. عن كتاب (علوم القرآن عند المفسرين: إصدار مركز الثقافة والمعارف القرآنية في إيران ج١، ص٣٦٧.