المطلب الثاني : بواعث الجمع وأسبابه:
بعد تولي أبي بكر رضي الله عنه إمارة المسلمين واجهته أحداث جسيمة، خصوصاً ما كان من قبل أهل الردة، وما دار بعد ذلك من حروب طاحنة ومعارك عنيفة، خصوصاً ما كان في موقعة اليمامة (١)، حيث استشهد فيها عدد كبير من الصحابة، منهم أكثر من سبعين من قراء الصحابة، فاشتد ذلك على الصحابة، ولا سيما على عمر رضي الله عنه فاقترح على أبي بكر رضي الله عنه أن يجمع القرآن، خشية ضياعه بموت الحفاظ وقتل القراء، فتردد أبو بكر لأول الأمر ثم شرح الله صدره لما شرح له صدر عمر رضي الله عنه، فكان هو أول من جمع القرآن بين اللوحين (٢)، وكان أحد الذين حفظوا القرآن كله (٣).
_________
(١) قال الحموي: بين اليمامة والبحرين عشرة أيام، وهي معدودة من نجد وقاعدتها حجر، وتسمى اليمامة جواً والعَروض - بفتح العين، وكان اسمها قديماً: جوّا، فسميت اليمامة باليمامة بنت سهم بن طسم، (معجم البلدان: ٥ / ٤٤٢)، اما غزوة اليمامة فكانت سنة ١٢ه (شذرات الذهب : ١ / ٢٣) قتل فيها عدو الله مسليمة الكذاب، وآلاف من جنده وأعوانه، وفتحت على يد خالد بن الوليد صلحاً، واستشهد فيها أكثر من سبعمائة من كبار المهاجرين والأنصار. (الكامل لابن الأثير : ٢ / ٢٤٣) وما بعدها)، وقيل: ١٢٠٠مقاتل (الشذرات : ١ / ٢٣)، وانظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص ٧٦.
(٢) راجع كتاب المصاحف لابن أبي داود : ١ / ١٦٥.
(٣) تاريخ الخلفاء، ص: ٤٤، نقلاً عن ابن كثير في تفسيره، والنووي في التهذيب.