أما الجمع العثماني: فكان عبارة عن نسخ مصاحف متعددة عن الصحف الصديقية، مشتملة على الثابت من الأحرف السبعة في العرضة الأخيرة، مرتبة الآيات والسور - على الصورة الموجودة الآن - بصفة يمكن معها قراءة الوجوه المختلفة الثابتة برسم واحد- بقدر الإمكان -، وتوزيعها على الأقطار الإسلامية المشهورة التي يكثر فيها القراء، لجمع وحمل الأمة على القراءة الثابتة، وإزالة الفرقة والخلاف بين المسلمين.
قال ابن التين وغيره: الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان : أن جمع أبي بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته، لأنه لم يكن مجموعاً في موضع واحد، فجمعه في صحائف مرتباً لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي ﷺ (١).
وقال القاضي أبو بكر الباقلاني (٢) : لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، ، إنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي ﷺ وإلغاء ما ليس كذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير، ولا تأويل أثبت مع تنزيل، ولا منسوخ تلاوته كتب مع مثبتٍ رسمه ومفروضٍ قراءته وحفظه، خشية دخول الفساد والشبهة على من يأتي بعد (٣).
_________
(١) المرجع السابق نفسه.
(٢) محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني، أصولي متكلم، ولد في البصرة سنة: ٣٣٨ هـ، وتوفي في بغداد سنة: ٤٠٣ هـ، من مؤلفاته: إعجاز القرآن، تهذيب السير: ٢ / ٢٦٤، الأعلام : ١٧٦.
(٣) الانتصار.