أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٢٥٤
عكرمة عن ابن عباس أنهم شكوا في هلال رمضان مرة فأرادوا أن لا يقوموا ولا يصوموا فجاء أعرابى من الحرة فشهد أنه رأى الهلال فأتى به النبي صلّى اللّه عليه وسلم فقال (أتشهد أن لا إله إلا اللّه وأنى رسول اللّه قال نعم وشهد أنه رأى الهلال فأمر بلالا أن ينادى في الناس فنادى في الناس أن يقوموا وأن يصوموا)
قال أبو داود وأن يقوموا كلمة لم يقلها إلا حماد بن سلمة وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمود بن خالد وعبد اللّه بن عبد الرحمن السمرقندي وأنا بحديثه اتقن قالا حدثنا مروان بن محمد عن عبد اللّه ابن وهب عن يحيى بن عبد اللّه بن سالم عن أبى بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنى رأيته فصام وأمر الناس بصيامه وأيضا فإن صوم رمضان فرض يلزم من طريق الدين فإذا تعذر وجود الاستفاضة فيه وجب قبول أخبار الآحاد كأخبار الآحاد المروية عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم في أحكام الشرع الذي ليس من شرطه الاستفاضة ولذلك قبلوا خبر المرأة والعبد والمحدود في القذف إذا كان عدلا كما يقبل في الرواية عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مع ما عاضد القياس من الآثار المروية فيه وأما هلال شوال وذي الحجة فإنهم لم يقبلوا فيه إلا شهادة رجلين عدلين ممن تقبل شهادتهم في الأحكام لما
حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز قال أخبرنا سعيد بن سليمان قال حدثنا عباد عن أبى مالك الأشجعى قال حدثنا حسين بن الحرث الجدلي من جديلة قيس أن أمير مكة خطب ثم قال عهد إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن ننسك لرؤية الهلال فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما
فسألت الحسين بن الحرث من أمير مكة فقال لا أدرى ثم لقيني بعد ذلك فقال هو الحرث بن حاطب أخو محمد بن حاطب ثم قال الأمير إن فيكم من هو أعلم باللّه ورسوله منى وشهد هذا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأومأ بيده إلى رجل قال الحسين فقلت لشيخ إلى جنبي من هذا الذي أومأ إليه الأمير قال عبد اللّه بن عمر وصدق كان أعلم باللّه منه فقال بذلك أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم
فقوله أمرنا أن ننسك لرؤية الهلال إنما هو على صلاة العيد والذبح يوم النحر لوقوع اسم النسك عليهما دون صوم رمضان لأن الصوم لا يتناوله هذا الاسم مطلقا وقد يتناول الصلاة والذبح ألا ترى إلى قوله تعالى [فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ] فجعل النسك غير الصيام والدليل على أن النسك يقع على صلاة العيد
حديث البراء بن عازب أن