أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٢٦١
قالت عائشة إن كان ليكون على الصوم من شهر رمضان فما أستطيع أن أقضيه حتى يأتى شعبان وروى عن عمرو أبى هريرة قالا لا بأس بقضاء رمضان في العشر وكذلك عن سعيد ابن جبير وقال عطاء وطاوس ومجاهد اقض رمضان متى شئت فهؤلاء السلف قد اتفقوا على جواز تأخيره عن أول أوقات إمكان قضائه وقد اختلف الفقهاء فيمن أخر القضاء حتى حضر رمضان آخر فقال أصحابنا جميعا يصوم الثاني عن نفسه ثم يقضى الأول ولا فدية عليه وقال مالك والثوري والشافعى والحسن بن صالح إن فرط في قضاء الأول أطعم مع القضاء كل يوم مسكينا وقال الثوري والحسن بن حي لكل يوم نصف صاع بر وقال مالك والشافعى كل يوم مدا وإن لم يفرط بمرض أو سفر فلا إطعام عليه وقال الأوزاعى إذا فرط في قضاء الأول ومرض في الآخر حتى انقضى ثم مات فإنه يطعم عن الأول لكل يوم مدين مدا لتضييعه ومدا للصيام ويطعم عن الآخر مدا مدا لكل يوم واتفق من تقدم ذكر قوله قبل الأوزاعى أنه إذا مرض في رمضان ثم مات قبل أن يصح أنه لا يجب أن يطعم عنه وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا محمد بن عبد اللّه الحضرمي قال حدثنا إبراهيم ابن إسحاق الضبي قال حدثنا قيس عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لا يرى بأسا بقضاء رمضان في ذي الحجة
وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا يحيى بن إسحاق قال حدثنا ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد عن أبى تميم الجيشاني قال جمعنا المجلس بطرابلس ومعنا هبيب بن معقل الغفاري وعمرو بن العاص صاحبا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال عمرو أفصل رمضان وقال الغفاري لا نفرق بين رمضان فقال عمرو نفرق بين قضاء رمضان إنما قال اللّه تعالى [فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] وحدثنا عبد اللّه بن عبد ربه البغلانى قال حدثنا عيسى بن أحمد العسقلاني قال حدثنا بقية عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن أبى هريرة قال قال رجل يا رسول اللّه على أيام من رمضان أفأفرق بينه قال نعم أرأيت لو كان عليك دين فقضيته متفرقا أكان يجزيك قال نعم قال فإن اللّه أحق بالتجاوز والعفو
فهذه الأخبار كلها تنبئ عن جواز تأخير قضاء رمضان عن أول وقت إمكان قضائه وقد روى عن جماعة من الصحابة إيجاب الفدية على من أخر قضاء رمضان إلى العام القابل منهم ابن عباس روى عن يزيد بن هارون عن عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال مرضت رمضانين فقال