أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٢٧٦
محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد اللّه بن معاذ قال حدثني أبى قال حدثني الأشعث عن الحسن في رجل كان بمصر من الأمصار فصام يوم الإثنين وشهد رجلان أنهما رأيا الهلال ليلة الأحد قال لا يقضى ذلك اليوم ذلك الرجل ولا أهل مصره إلا أن يعلموا أن أهل مصر من الأمصار قد صاموا يوم الأحد فيقضوه وليس في هذا الخبر أنهم صاموا لرؤية أو لغيرها ومسألتنا إنما هي في أهل بلدين صام كل واحد منهم لرؤية غير رؤية الآخرين وقد يحتج المخالف في ذلك
بما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا حماد في حديث أيوب عن محمد بن المنكدر عن أبى هريرة ذكر النبي صلّى اللّه عليه وسلم فيه قال (و فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وكل عرفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة منحر وكل جمع موقف)
وروى أبو خيثمة قال حدثنا محمد بن الحسن المدني قال حدثني عبد اللّه بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبى هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون)
قالوا وهذا يوجب أن يكون صوم كل قوم يوم صاموا وفطرهم يوم أفطروا وهذا قد يجوز أن يريد به ما لم يتبين غيره ومع ذلك فلم يخصص به أهل بلد دون غيرهم فإن وجب أن يعتبر صوم من صام الأقل فيما لزمهم فهو موجب صوم من صام الأكثر فيكون ذلك صوما للجميع ويلزم من صام الأقل قضاء يوم وقد اختلف مع ذلك في صحة هذا الخبر من طريق النقل فثبته بعضهم ولم يثبته الآخرون وقد تكلم أيضا في معناه فقال قائلون معناه أن الجميع إذا اتفقوا على صوم يوم فهو صومهم وإذا اختلفوا احتاجوا إلى دلالة من غيره لأنه لم يقل صومكم يوم يصوم بعضكم وإنما قال يوم تصومون وذلك يقتضى صوم الجميع وقال آخرون هذا خطاب لكل واحد في نفسه وإخبار بأنه متعبد بما عنده دون ما هو عند غيره فمن صام يوما على أنه من رمضان فقد أدى ما كلف وليس عليه مما عند غيره شيء لأن اللّه تعالى إنما كلفه بما عنده لا بما عند غيره ولم يكلفه المغيب عند اللّه أيضا قوله تعالى [يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ] قال أبو بكر روى عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك أن اليسر الإفطار في السفر والعسر الصوم فيه وفي المرض ويحتمل ما ذكر من الإفطار في السفر لمن يجهده الصوم ويضره كما
روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال في الرجل الذي ظلل عليه في


الصفحة التالية
Icon