أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٣٠٩
اعتكافه ويحضر الجنازة ويعود المريض ويأتى الجمعة ويخرج للوضوء ويدخل بيت المريض ويكره أن يبيع ويشترى قال أبو بكر روى الزهري عن سعيد بن المسيب وعروة ابن الزبير عن عائشة قالت إن من السنة في المعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ولا يتبع الجنازة ولا يعود مريضا ولا يمس امرأة ولا يباشرها وعن سعيد بن المسيب ومجاهد قالا لا يعود المعتكف مريضا ولا يجيب دعوة ولا يشهد جنازة وروى مجاهد عن ابن عباس قال ليس على المعتكف أن يعود مريضا ولا يتبع جنازة فهؤلاء السلف من الصحابة والتابعين قد روى عنهم في المعتكف ما وصفنا وروى عن غيرهم خلاف ذلك وروى أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن على قال المعتكف يشهد الجمعة ويعود المريض ويتبع الجنازة
وروى مثله عن الحسن وعامر وسعيد بن جبير وروى سفيان بن عيينة عن عمار بن عبد اللّه بن يسار عن أبيه عن على أنه لم ير بأسا أن يخرج المعتكف ويبتاع
وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا اعتكف يدنى إلى رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان
فهذا الحديث يقتضى حظر الخروج إلا لحاجة الإنسان مما وصفنا من أن فعل النبي صلّى اللّه عليه وسلم للاعتكاف وارد مورد البيانو فعله إذا ورد مورد البيان فهو على الوجوب فأوجب ما ذكرنا من فعله حظر الخروج على المعتكف إلا لحاجة الإنسان وإنما يعنى به البول والغائط ولما كان من شرط الاعتكاف اللبث في المسجد وبذلك قرنه اللّه تعالى عند ذكره في قوله [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] وجب أن لا يخرج إلا لما لا بد منه من حاجة الإنسان وقضاء فرض الجمعة ولأنه معلوم أنه لم يعقد على نفسه اعتكافا هو منتقل بإيجابه وهو يريد ترك شهود الجمعة وهي فرض عليه فصار حضورها مستثنى من اعتكافه فإن قيل أليس في قوله [وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] دلالة على أن من شرطه دوام اللبث فيه لأنه إنما ذكر الحال التي يكونون عليها وعلق به حظر الجماع إذا كانوا من بهذه الصفة ولا دلالة على حظر الخروج من المسجد في حال الاعتكاف قيل له هذا خطأ من وجهين أحدهما أنه معلوم أن حظر الجماع على المعتكف غير متعلق يكونه في المسجد لأنه لا خلاف بين أهل العلم أنه ليس له أن يجامع امرأته في بيته في