أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٣٢٦
[فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ] عموم في أن من استهلك لغيره ما لا كان عليه مثله وذلك المثل ينقسم إلى وجهين أحدهما مثله في جنسه وذلك في المكيل والموزون والمعدود والآخر مثله في قيمته لأن
النبي صلّى اللّه عليه وسلم قضى في عبد بين رجلين اعتقه أحدهما وهو موسر أن عليه ضمان نصف قيمته فجعل المثل اللازم بالاعتداء هو القيمة
فصار أصلا في هذا الباب وفي أن المثل قد يقع على القيمة ويكون اسما لها ويدل على أن المثل قد يكون اسما لما ليس هو من جنسه إذا كان في وزانه وعروضه في المقدار المستحق من الجزاء أن من اعتدى على غيره بقذف لم يكن المثل المستحق عليه أن يقذف بمثل قذفه بل يكون المثل المستحق عليه هو جلد ثمانين وكذلك لو شتمه بما دون القذف كان عليه التعزير وذلك مثل لما نال منه فثبت بذلك أن اسم المثل قد يقع على ما ليس من جنسه بعد أن يكون في وزانه وعروضه في المقدار المستحق من طريق الجزاء ويحتج بذلك في أن من غصب ساجة فأدخلها في بنائه أن عليه قيمتها لأن القيمة قد تناولها اسم المثل فمن حيث كان الغاصب معتديا بأخذها كان عليه مثلها لحق العموم فإن قيل إذا نقضنا بناءه وأخذناها بعينها فقد اعتدينا عليه بمثل ما اعتدى قيل له أخذ ملكه بعينه لا يكون اعتداء على الغاصب كما أن من له عند رجل وديعة فأخذها لم يكن معتديا عليه وإنما الاعتداء عليه أن يزيل من ملكه مثل ما أزال أو يزيل يده عن مثل ما أزال عنه يد المغصوب منه فأما أخذ ملكه بعينه فليس فيه اعتداء على أحد ولا فيه أخذ المثل ويحتج به في إيجاب القصاص فيما يمكن استيفاء المماثلة والمساواة فيه دون ما لم يعلم فيه استيفاء المماثلة وذلك نحو قطع اليد من نصف الساعد والجائفة والآمة في سقوط القصاص فيها لتعذر استيفاء المثل إذ كان اللّه تعالى إنما أمرنا باستيفاء المثل ويحتج به أبو حنيفة فيمن قطع يد رجل وقتله أن لوليه أن يقطع يده ثم يقتله لقوله [فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ] فله أن يفعل به مثل ما فعل بمقتضى الآية وقوله تعالى [وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ] قال أبو بكر قد قيل فيه وجوه أحدها ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال حدثنا ابن وهب عن حيوة بن شريح وابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن أسلم أبى عمران قال غزونا بالقسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن الوليد والروم ملصوق