أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٣٦٣
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وعلم الصحابة بها ما يوجب أن يكونوا قد علموا من نسخها مثل علمه لو لا ذلك ما أقروه على النهى عن سنة النبي صلّى اللّه عليه وسلم وعلم الصحابة من غير ثبوت النسخ وقد
روى عن جابر من طرق صحيحة أن سراقة بن مالك قال يا رسول اللّه أعمرتنا هذه لعامنا أم للأبد فقال هي لأبد الأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
فأخبر في هذا الحديث أن العمرة التي فسخوا بها الحج كانت خاصة في تلك الحال وأن مثلها لا يكون وأما
قوله دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
فإنه مما
حدثنا به جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال أبو عبيد وقوله دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
يفسر تفسيرين أحدهما أن يكون دخول العمرة في الحج هو الفسخ بعينه وذلك أنه يهل الرجل بالحج ثم يحل منه بعمرة إذا طاف بالبيت والآخر أن يكون دخول العمرة في الحج هو المتعة نفسه وذلك أن يفرد الرجل العمرة في أشهر الحج ثم يحل منها بحج من عامه قال أبو بكر وكلا الوجهين ملبس غير لائق باللفظ والذي يقتضيه ظاهره أن الحج نائب عن العمرة والعمرة داخلة فيه فمن فعل الحج فقد كفاه عن العمرة كما تقول الواحد داخل في العشرة يعنى أن العشرة مغنية عنه وموفية عليه فلا يحتاج إلى استئناف حكمه ولا ذكره وقد قيل في أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلم أصحابه بالإحلال معنى آخر وهو ما رواه عمر بن ذر عن مجاهد في قصة إحلال النبي صلّى اللّه عليه وسلم وقال في آخره قلت لمجاهد أكانوا فرضوا الحج وأمرهم أن يهلوا أو ينتظرون ما يؤمرون به وقال أهلوا بإهلال النبي صلّى اللّه عليه وسلم وانتظروا ما يؤمرون به وكذلك
قال كل واحد من على وأبى موسى أهللت بإهلال كإهلال النبي صلّى اللّه عليه وسلم
وكذلك كان إحرام النبي صلّى اللّه عليه وسلم بديا ويدل عليه
قوله لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة
فكأنه خرج ينتظر ما يؤمر به وبه أمر أصحابه ويدل عليه قوله أتانى آت من ربي في هذا الوادي المبارك وهو وادي العقيق فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل حجة في عمرة فهذا يدل على أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم خرج ينتظر ما يؤمر به فلما بلغ الوادي أمر بحجة في عمرة ثم أهل أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلم بالحج وظنوا أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أحرم بذلك فجاز لهم مثله فلما أحرم منهم من أحرم بالحج لم يكن إحرامه صحيحا وكان موقوفا كما كان إحرام على وأبى موسى موقوفا ونزل الوحى وأمروا بالمتعة بأن يطوفوا بالبيت ويحلوا ويعملوا عمل