أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٣٦٥
متعة النساء ومتعة الحج وهو يعنى هذه المتعة فلم يظهر من أحد منهم إنكاره ولا الخلاف عليه ولو تعارضت أخبار عائشة لكان سبيلها أن تسقط كأنه لم يرو عنها شيء وتبقى الأخبار الأخر في أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلم أصحابه بفسخ الحج من غير معارض ويكون منسوخا بقوله [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ] على ما روى عن عمر رضى اللّه عنه وقوله [فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ] قال أبو بكر الهدى المذكور هاهنا مثل الهدى المذكور للإحصار وقد بينا أن أدناه شاة وأن من شاء جعله بقرة أو بعيرا فيكون أفضل وهذا الهدى لا يجزى إلا يوم النحر لقوله تعالى [فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ] وقضاء التفث وطواف الزيارة لا يكون قبل يوم النحر ولما رتب هذه الأفعال على ذبح هذه البدن دل على أنها بدن القران والتمتع لاتفاق الجميع على أن سائر الهدايا لا تترتب عليها هذه الأفعال وأن له أن ينحرها متى شاء فثبت بذلك أن هدى المتعة غير مجزى قبل يوم النحر ويدل عليه أيضا
قوله صلّى اللّه عليه وسلم لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة
وقد كان عليه السلام قارنا وقد ساق الهدى وأخبر أنه لو استقبل من أمره ما استدبر ما ساق الهدى
ولو جاز ذبح هدى المتعة قبل يوم النحر لذبحه وحل كما أمر أصحابه وكان لا يكون مستدركا في المستدبر شيئا قد فاته وقال لعلى حين قال أهللت بإهلال كإهلال النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنى سقت الهدى وإنى لا أحل إلى يوم النحر
ويدل عليه
قوله صلّى اللّه عليه وسلم خذوا عنى مناسككم
وهو صلّى اللّه عليه وسلم نحر بدنه يوم النحر
فلزم اتباعه ولم يجز تقديمه على وقته واللّه سبحانه واللّه أعلم.

باب صوم التمتع


قال اللّه تعالى [فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ] قال أبو بكر قد اختلف في معنى قوله [فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ ]
فروى عن على أنه قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة
وقالت عائشة وابن عمر من حين أهل الحج إلى يوم عرفة قال ابن عمر ولا يصومهن حتى يحرم قال عطاء يصومهن في العشر حلالا إن شاء وهو قول طاوس وقالا لا يصومهن قبل أن يعتمر قال عطاء وإنما يؤخرهن إلى العشر لأنه لا يدرى عسى يتيسر له الهدى قال أبو بكر هذا يدل على أن ذلك عندهما على جهة الاستحباب لا على جهة الإيجاب فيكون بمنزلة استحبابنا لمن لا يجد الماء تأخير التيمم


الصفحة التالية
Icon