أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٤٤
أو العادل الباغي لا يتوارثان لأنهما قاتلان قال أبو بكر لم يختلف الفقهاء في أن قاتل العمد لا يرث المقتول إذا كان بالغا غافلا بغير حق واختلف في قاتل الخطأ على الوجوه التي ذكرنا وقد حدثنا عبد الباقي قال حدثنا أحمد بن محمد بن عنبسة بن لقيط الضبي قال حدثنا على بن حجر قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن ابن جريج والمثنى ويحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم (ليس للقاتل من الميراث شيء)
وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا موسى بن زكريا التستري قال حدثنا سليمان بن داود قال حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر ابن الخطاب عن النبي عليه السلام قال (ليس للقاتل شي ء)
وروى الليث عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبى فروة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم (القاتل لا يرث)
وروى يزيد بن هارون قال حدثنا محمد بن راشد عن مكحول قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم (القاتل عمدا لا يرث من أخيه ولا من ذي قرابته شيئا ويرث أقرب الناس إليه نسبا بعد القاتل)
وروى حصن بن ميسرة قال حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن عدى الجذامي قال قلت يا رسول اللّه كانت لي امرأتان فاقتتلتا فرميت إحداهما فقال أعقلها ولا ترثها
فثبت بهذه الأخبار حرمان القاتل ميراثه من سائر مال المقتول وأنه لا فرق في ذلك بين العامد والمخطئ لعموم لفظ النبي عليه السلام فيه وقد استعمل الفقهاء هذا الخبر وتلقوه بالقبول فجرى مجرى التواتر
كقوله عليه السلام (لا وصية لوارث)
وقوله [لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها]
وإذا اختلف البيعان فالقول ما قاله البائع أو يترادان وما جرى مجرى ذلك من الأخبار التي مخرجها من جهة الأفراد وصارت في حيز التواتر لتلقى الفقهاء لها بالقبول من استعمالهم إياها فجاز تخصيص آية المواريث بها ويدل على تسوية حكم العامد والمخطئ في ذلك ما روى عن على
وعمر وابن عباس من غير خلاف من أحد من نظرائهم عليهم وغير جائز فيما كان هذا وصفه من قول الصحابة في شيوعه واستفاضته أن يعترض عليه بقول التابعين ولما وافق مالك على أنه لا يرث من ديته وجب أن يكون ذلك حكم سائر ماله من وجوه أحدها أن ديته ماله وميراث عنه بدليل أنه تقتضي منها ديونه وتنفذ منها وصاياه ويرثها سائر ورثته على فرائض اللّه تعالى كما يرثون سائر أمواله فلما اتفقوا على أنه لا يرث من ديته كان ذلك


الصفحة التالية
Icon