أحكام القرآن (الجصاص)، ج ١، ص : ٧٤
استقصينا القول في هذه المسألة في أصول الفقه بما فيه كفاية فمن أرادها فليطلبها هناك إن شاء اللّه تعالى
قوله تعالى [فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ] روى معمر عن قتادة في هذه الآية قال نسختها [فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ] وحدثنا أبو محمد جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن اليمان قال قرئ على أبى عبيد وأنا أسمع قال حدثنا عبد اللّه بن صالح عن معاوية بن صالح عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى [لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ] وقوله تعالى [وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ] وقوله تعالى [فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ] وقوله تعالى [قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ] قال نسخ هذا كله قوله تعالى [فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ] وقوله تعالى [قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ ] الآية ومثله قوله تعالى [فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا] وقوله تعالى [وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ] وقوله تعالى [وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً] يعنى واللّه أعلم متاركة فهذه الآيات كلها أنزلت قبل لزوم فرض القتال وذلك قبل الهجرة وإنما كان الغرض الدعاء إلى الدين حينئذ بالحجاج والنظر في معجزات النبي صلّى اللّه عليه وسلم وما أظهره اللّه على يده وأن مثله لا يوجد مع غير الأنبياء ونحوه قوله تعالى [قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ] وقوله تعالى [قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ ] وقوله تعالى [أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ] [أَفَلا تَعْقِلُونَ ] [فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ] ونحوها من الآي التي فيها الأمر بالنظر في أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلم وما أظهره اللّه تعالى له من أعلام النبوة والدلائل الدالة على صدقه ثم لما هاجر إلى المدينة أمره اللّه تعالى بالقتال بعد قطع العذر في الحجاج وتقريره عندهم حين استقرت آياته ومعجزاته عند الحاضر والبادي والداني والقاصي بالمشاهدة والأخبار المستفيضة التي لا يكذب مثلها وسنذكر فرض القتال عند مصيرنا إلى الآيات الموجبة له إن شاء اللّه تعالى وقوله تعالى [وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ ] روى معمر عن قتادة رضى اللّه تعالى عنهم قال هو بخت نصر خرب بيت المقدس وأعان على ذلك النصارى وقوله تعالى [أُولئِكَ


الصفحة التالية
Icon