أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٢، ص : ٣٠٨
زادا وراحلة يبلغه بيت اللّه ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا
وذلك أن اللّه تعالى يقول في كتابه وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وروى إبراهيم ابن يزيد الجوزي عن محمد بن عباد عن ابن عمر قال سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قوله عز وجل وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قال السبيل إلى الحج الزاد والراحلة
وروى يونس عن الحسن لما نزلت هذه الآية وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ الآية قال رجل يا رسول اللّه ما السبيل قال زاد وراحلة
وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس قال السبيل الزاد والراحلة ولم يحل بينه وبينه أحد وقال سعيد بن جبير هو الزاد والراحلة قال أبو بكر فوجود الزاد والراحلة من السبيل الذي ذكره اللّه تعالى ومن شرائط وجوب الحج وليست الاستطاعة مقصورة على ذلك لأن المريض الخائف والشيخ الذي لا يثبت على الراحلة والزمنى وكل من تعذر عليه الوصول إليه فهو غير مستطيع السبيل إلى الحج وإن كان واجدا للزاد والراحلة فدل ذلك على أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لم يرد بقوله الاستطاعة الزاد والراحلة إن ذلك جميع شرائط الاستطاعة وإنما أفاد ذلك بطلان قول من يقول إن من أمكنه المشي إلى بيت اللّه ولم يجد زادا وراحلة فعليه الحج فبين صلّى اللّه عليه وسلّم أن لزوم فرض الحج مخصوص بالركوب دون المشي وأن من لا يمكنه الوصول إليه إلا بالمشي الذي يشق ويعسر فلا حج عليه فإن قيل فينبغي أن لا يلزم فرض الحج إلا من كان بينه وبين مكة مسافة ساعة إذا لم يجد زادا وراحلة وأمكنه المشي قيل له إذا لم يلحقه في المشي مشقة شديدة فهذا أيسر أمر من الواجد للزاد والراحلة إذا بعد وطنه من مكة ومعلوم أن شرط الزاد والراحلة إنما هو لأن لا يشق عليه ويناله ما يضره من المشي فإذا كان من أهل مكة وما قرب منها ممن لا يشق عليه المشي في ساعة من نهار فهذا مستطيع للسبيل بلا مشقة وإذا كان لا يصل إلى البيت إلا بالمشقة الشديدة فهو الذي خفف اللّه عنه ولم يلزمه الفرض إلا على الشرط المذكور ببيان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال اللّه تعالى وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ يعنى من ضيق وعندنا أن وجود المحرم للمرأة من شرائط الحج لما
روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم أو زوج
وروى عمرو بن دينار عن أبى معبد عن ابن عباس قال خطب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم فقال رجل يا رسول اللّه إنى


الصفحة التالية
Icon