أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٢، ص : ٣٦٨
سائر الأقربين ويحتج بهذه الآية في توريث الأخوة والأخوات مع الجد كنحو احتجاجنا بها في توريث ذوى الأرحام وقوله تعالى نَصِيباً مَفْرُوضاً يعنى واللّه أعلم معلوما مقدرا ويقال أن أصل الفرض الحز في القداح علامة لها يميز بينها والفرضة العلامة في قسم الماء يعرف بها كل ذوى حق نصيبه من الشرب فإذا كان أصل الفرض هذا ثم نقل إلى المقادير المعلومة في الشرع أو إلى الأمور الثابتة اللازمة وقد قيل إن أصل الفرض الثبوت ولذلك سمى الحز الذي في سية القوس فرضا
لثبوته والفرض في الشرع ينقسم إلى هذين المعنيين فمتى أريد به الوجوب كان المفروض في أعلى مراتب الإيجاب وقد اختلف في معنى الفرض والواجب في الشرع من بعض الوجوه وإن كان كل مفروض واجبا من حيث كان الفرض يقتضى فارضا وموجبا له وليس كذلك الواجب لأنه قد يجب من غير إيجاب موجب له ألا ترى أنه جائز أن يقال أن ثواب المطيعين واجب على اللّه في حكمته ولا يجوز أن يقال إنه فرض عليه إذ كان الفرض يقتضى فارضا وقد يكون واجبا في الحكمة غير مقتض موجبا وأصل الوجوب في اللغة هو السقوط يقال وجبت الشمس إذا سقطت ووجب الحائط إذا سقط وسمعت وجبة يعنى سقطة وقال اللّه تعالى فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها يعنى سقطت فالفرض في أصل اللغة أشد تأثيرا من الواجب وكذلك حكمهما في الشرع إذا كان الحز الواقع ثابت الأثر وليس كذلك الوجوب
قوله تعالى وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى الآية قال سعيد بن المسيب وأبو مالك وأبو صالح هي منسوخة بالميراث وقال ابن عباس وعطاء والحسن والشعبي وإبراهيم ومجاهد والزهري أنها محكمة ليست بمنسوخة وروى عطية عن ابن عباس يعنى عند قسمة الميراث وذلك قبل أن ينزل القرآن فأنزل اللّه تعالى بعد ذلك الفرائض فأعطى كل ذي حق حقه فجعلت الصدقة فيما سمى المتوفى ففي هذه الرواية عن ابن عباس أنها كانت واجبة عند قسمة الميراث ثم نسخت بالميراث وجعل ذلك في وصية الميت لهم وروى عكرمة عنه أنها ليست بمنسوخة وهي في قسمة الميراث ترضخ لهم فإن كان في المال تقصيرا اعتذر إليهم وهو قوله تعالى وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً وروى الحجاج عن أبى إسحاق أن أبا موسى الأشعرى وعبد الرحمن بن بكر كانا يعطيان من حضر من هؤلاء وقال قتادة عن الحسن قال قال أبو موسى هي محكمة وروى أشعث عن ابن سيرين عن حميد بن عبد الرحمن