أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٣، ص : ٣٢٣
قلت بلى قال فإن ذلك لا يحل لك في دينك
قال فكأنى رأيت أن على بها غضاضة وكأنى تواضعت بها وروى عبد السلام بن حرب عن عطيف بن أعين عن مصعب بن سعد عن عدى بن حاتم قال أتيت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وفي عنقي صليب ذهب فقال ألق هذا الوثن عنك ثم قرأ اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ قال قلت يا رسول اللّه ما كنا نعبدهم قال أليس كانوا يحلون لكم ما حرم اللّه عز وجل فتحلونه ويحرمون عليكم ما أحل اللّه فتحرمونه قال فتلك عبادتهم
وفي هذين الخبرين ضروب من الدلالة على ما ذكرنا أحدها أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نسبه إلى متخذي الأحبار والرهبان أربابا وهم اليهود والنصارى ولم ينف ذلك عنه من حيث كان عربيا وقال في الحديث الأول ألست ركوسيا وهم صنف من النصارى فلم يخرجه عنهم بأخذهم المرباع وهو ربع الغنيمة وليس ذلك من دين النصارى لأن في دينهم أن الغنائم لا تحل فهذا يدل على أن ترك التمسك بما ينتحله المنتحلون للأديان لا يخرجهم من أن يكونوا من أهل تلك الشريعة وذلك الدين ويدل على أن العرب وبنى إسرائيل سواء فيما ينتحلون من دين أهل الكتاب وأنهم غير مختلفي الأحكام ولما لم يسأله النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عما انتحله من دين النصارى أكان قبل نزول القرآن أو بعده ونسبه إلى فرقة منهم من غير مسألة دل على أنه لا فرق بين من انتحل ذلك قبل نزول القرآن أو بعده واللّه أعلم.

باب تزوج الكتابيات


قال اللّه تعالى وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال أبو بكر اختلف في المراد بالمحصنات هاهنا فروى عن الحسن والشعبي وإبراهيم والسدى أنهم العفائف وروى عن عمر ما يدل على أن المعنى عنده ذلك وهو ما حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا محمد بن يزيد عن الصلت ابن بهرام عن شقيق بن سلمة قال تزوج حذيفة بيهودية فكتب إليه عمر أن خل سبيلها فكتب إليه حذيفة أحرام هي فكتب إليه عمر لا ولكني أخاف أن تواقعوا المومسات منهن قال أبو عبيد يعنى العواهر فهذا يدل على أن معنى الإحصان عنده هاهنا كان على العفة وقال مطرف عن الشعبي في قوله وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال إحصان اليهودية والنصرانية أن تغتسل من الجنابة وأن تحصن فرجها وروى ابن


الصفحة التالية
Icon