أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٣، ص : ٣٣٠
ابن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال صلّى اللّه عليه وسلّم يوم فتح مكة خمس صلوات بوضوء واحد ومسح على خفيه فقال له عمر يا رسول اللّه صنعت شيئا لم تكن تصنعه قال عمدا فعلته
وحدثنا من لا أتهم قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا أحمد بن خالد الوهبي قال حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمر قال قلت له أرأيت وضوء عبد اللّه بن عمر لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر عمن هو قال حدثتنيه أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد اللّه بن حنظلة بن أبى عامر الغسيل حدثها أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان أمر بالوضوء عند كل صلاة طاهرا فلما شق ذلك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث
فكان عبد اللّه يرى أن به قوة على ذلك ففعله حتى مات فقد دل الحديث الأول على أن القيام إلى الصلاة غير موجب للطهارة إذ لم يجدد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لكل صلاة طهارة فثبت بذلك أن فيه ضميرا به يتعلق إيجاب الطهارة وبين في الحديث الثاني أن الضمير هو الحدث لقوله ووضع عنه الوضوء إلا من حدث ويدل على أن الضمير فيه هو الحدث ما
روى سفيان الثوري عن جابر عن عبد اللّه بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد اللّه بن علقمة عن أبيه قال كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أراق ماء نكلمه فلا يكلمنا ونسلم عليه فلا يكلمنا حتى يأتى أهله فيتوضأ وضوءه للصلاة فقلنا له في ذلك حين نزلت آية الرخصة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
الآية فأخبر أن الآية نزلت في إيجاب الوضوء من الحدث عند القيام إلى الصلاة وحدثنا من لا أتهم في الرواية قال أخبرنا محمد بن على بن زيد أن سعيد بن منصور حدثهم قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال أخبرنا أيوب عن عبد اللّه بن أبى مليكة عن ابن عباس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج من الخلاء فقدم إليه الطعام فقالوا ألا نأتيك بوضوء قال إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة
قال أبو بكر سألوه عن الوضوء من الحدث عند الطعام فأخبر أنه أمر بالوضوء من الحدث عند القيام إلى الصلاة
وروى أبو معشر المدني عن سعيد بن أبى سعيد المقبري عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لو لا أن أشق على أمتى لأمرت في كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك
وهذا يدل على أن الآية لم تقض إيجاب الوضوء لكل صلاة من وجهين أحدهما أن الآية لو أوجبت ذلك لما قال لأمرت في كل صلاة بوضوء والثاني إخباره بأنه لو أمر به لكان


الصفحة التالية
Icon