أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٣، ص : ٣٥٣
وكيع قال حدثنا زكريا ابن أبى زائدة عن القاسم الجدلي قال سمعت النعمان بن بشير يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لتسوون صفوفكم أو ليخالفن اللّه بين قلوبكم أو وجوهكم قال فلقد رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكب صاحبه
وهذا يدل على أن الكعب ما وصفنا واللّه أعلم.
ذكر الخلاف في المسح على الخفين
قال أصحابنا جميعا والثوري والحسن بن صالح والأوزاعى والشافعى يمسح المقيم على الخفين يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليها وروى عن مالك والليث أنه لا وقت للمسح على الخفين إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان يمسح ما بدا له قال مالك والمقيم والمسافر في ذلك سواء وأصحابه يقولون هذا هو الصحيح من مذهبه وروى عنه ابن القاسم أن المسافر يمسح ولا يمسح المقيم وروى ابن القاسم أيضا عن مالك أنه المسح على الخفين
قال أبو بكر قد ثبت المسح على الخفين عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من طريق التواتر والاستفاضة
من حيث يوجب العلم ولذلك قال أبو يوسف إنما يجوز نسخ القرآن بالسنة إذا وردت كورود المسح على الخفين في الاستفاضة وما دفع أحد من الصحابة من حيث نعلم المسح على الخفين ولم يشك أحد منهم في
أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قد مسح
وإنما اختلف في وقت مسحه أكان قبل نزول المائدة أو بعدها
فروى المسح موقتا للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم
وعمر وعلى وصفوان بن عسال وخزيمة بن ثابت وعوف بن مالك وابن عباس وعائشة ورواه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم غير موقت سعد بن أبى وقاص وجرير بن عبد اللّه البجلي وحذيفة ابن اليمان والمغيرة بن شعبة وأبو أيوب الأنصارى وسهل بن سعد وأنس بن مالك وثوبان وعمرو بن أمية عن أبيه وسليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم
وروى الأعمش عن إبراهيم عن همام عن جرير بن عبد اللّه قال قال رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم توضأ ومسح على خفيه
قال الأعمش قال إبراهيم كانوا معجبين بحديث جرير لأنه أسلم بعد نزول المائدة ولما كان ورود هذه الأخبار على الوجه الذي ذكرنا من الاستفاضة مع كثرة عدد ناقليها وامتناع التواطؤ والسهو والغفلة عليهم فيها وجب استعمالها مع حكم الآية وقد بينا أن في الآية احتمالا للمسح فاستعملناه في حال لبس الخفين واستعملنا الغسل في حال ظهور «٢٣- أحكام لث»