أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٤، ص : ٢٤٠
ذكر الخلاف في ذلك
قال أبو حنيفة للفارس سهمان وللراجل سهم وقال أبو يوسف ومحمد وابن أبى ليلى ومالك والثوري والليث والأوزاعى والشافعى للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم وروى مثل قول أبى حنيفة عن المنذر بن أبى حمصة عامل عمر أنه جعل للفارس سهمين وللراجل سهما فرضية عمر ومثله عن الحسن البصري وروى شريك عن أبى إسحاق قال قدم قثم ابن عباس على سعيد بن عثمان بخراسان وقد غنموا فقال اجعل جائزتك أن اضرب لك بألف سهم فقال اضرب لي بسهم ولفرسى بسهم قال أبو بكر قد بينا أن ظاهر الآية يقتضى المساواة بين الفارس والراجل فلما اتفق الجميع على تفضيل الفارس بسهم فضلناه وخصصنا به للظاهر وبقي حكم اللفظ فيما عداه وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا يعقوب بن غليان العماني قال حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائى قال حدثنا عبد اللَّه بن رجاء عن سفيان الثوري عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم جعل للفارس سهمين وللراجل سهما قال عبد الباقي لي يجيء به عن الثوري غير محمد بن الصباح
قال أبو بكر وقد حدثنا عبد الباقي قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا أبو أسامة عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه
وقد اختلف حديث عبيد اللَّه بن عمر في ذلك وجائز أن يكونا صحيحين بأن يكون أعطاه بديا سهمين وهو المستحق ثم أعطاه في غنيمة أخرى ثلاثة أسهم وكان السهم الزائد على وجه النفل ومعلوم أن النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم لا يمنع المستحق وجائز أن يتبرع بما ليس بمستحق على وجه النفل كما
ذكر ابن عمر في حديث قد قدمنا ذكر سنده أنه كان في سرية قال فبلغت سهماننا اثنى عشر بعيرا ونفلنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم بعيرا بعيرا
وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا الحسن بن الكميت الموصلي قال حدثنا صبح بن دينار قال حدثنا عفيف بن سالم عن عبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم أسهم يوم بدر للفارس سهمين وللراجل سهما
وهذا إن ثبت فلا حجة فيه لأبى حنيفة لأن قسمة يوم بدر لم تكن مستحقة للجيش لأن اللَّه تعالى جعل الأنفال للرسول صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وخيره في إعطائه من رأى ولو لم يعطهم شيئا لكان جائزا فلم تكن قسمة الغنيمة مستحقة يومئذ وإنما وجبت بعد ذلك بقوله تعالى واعلموا أنما غنمتم من شى ء


الصفحة التالية
Icon