أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٤، ص : ٢٤٦
وابن السبيل وروى بشر بن الوليد عن أبى يوسف عن أبى حنيفة قال خمس اللَّه والرسول واحد وخمس ذو القربى لكل صنف سماه اللَّه تعالى في هذه الآية خمس الخمس وقال الثوري سهم النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم من الخمس هو خمس الخمس وما بقي فللطبقات التي سمى اللَّه تعالى وقال مالك يعطى من الخمس أقرباء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم على ما يرى ويجتهد قال الأوزاعى خمس الغنيمة لمن سمى في الآية وقال الشافعى يقسم سهم ذوى القربى بين غنيهم وفقيرهم قال أبو بكر قوله تعالى ولذى القربى لفظ مجمل مفتقر إلى البيان وليس بعموم وذلك لأن ذا القربى لا يختص بقرابة النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم دون غيره من الناس ومعلوم أنه لم يرد بها أقرباء سائر الناس فصار اللفظ مجملا مفتقرا إلى البيان وقد اتفق السلف على أنه قد أريد أقرباء النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم فمنهم من قال إن المستحقين لسهم الخمس من الأقرباء هم الذين كانت لهم نصرة وأن السهم كان مستحقا بالأمرين من القرابة والنصرة وأن من ليس نصرة ممن حدث بعد فإنما يستحقه بالفقر كما يستحقه سائر الفقراء ويستدلون على ذلك
بحديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال لما قسم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ذوى القربى بين بنى هاشم وبنى المطلب أتيته أنا وعثمان فقلنا يا رسول اللَّه هؤلاء بنوا هاشم لا ننكر فضلهم بمكانك الذي وضعك اللَّه فيهم أرأيت بنى المطلب أعطيتم ومنعتنا وإنماهم ونحن منك بمنزلة فقال صلى اللَّه عليه وآله وسلم إنهم لم يفارقونى في جاهلية ولا إسلام وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه
فهذا يدل من وجهين على أنه غير مستحق بالقرابة فحسب أحدهما أن بنى المطلب وبنى عبد شمس ولو كان مستحقا بالقرابة لساوى بينهم والثاني أن فعل النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ذلك خرج مخرج البيان لما أجمل في الكتاب من ذكر ذي القربى وفعل النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم إذا ورد على وجه البيان فهو على الوجوب فلما ذكر النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم النصرة مع القرابة دل على أن ذلك مراد اللَّه تعالى فمن لم يكن له منهم نصرة فإنما يستحقه بالفقر وأيضا فإن الخلفاء الأربعة متفقون على أنه لا يستحق إلا بالفقر وقال محمد بن إسحاق سألت محمد على فقلت ما فعل على رضى اللَّه عنه بسهم ذوى القربى حين ولى فقال سلك به سبيل أبى بكر وعمر
وكره أن يدعى عليه خلافهما قال أبو بكر لو لم يكن هذا رأيه لما قضى به لأنه قد خالفهما في أشياء مثل الجد والتسوية في العطايا وأشياء أخر فثبت أن رأيه ورأيهما كان سواء في


الصفحة التالية
Icon