أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٤، ص : ٢٤٩
إليه تستخدمه سبقكن يتامى بدر وفي يتامى بدر من لم يكن من بنى هاشم لأن أكثرهم من الأنصار ولو استحقتا بالقرابة شيئا لا يجوز منعهما إياه لما منعهما حقهما ولا عدل بهما إلى غيرهما وفي هذا دليل على معنيين أحدهما أن سهمهم من الخمس أمره كان موكولا إلى رأى النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم في أن يعطيه من شاء منهم والثاني أن إعطاءهم من الخمس أو منعه لا تعلق له بتحريم الصدقة وأما من قال أن قرابة النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قريش كلها فإنه يحتج لذلك بأنه لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين
قال النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم يا بنى فهر يا بنى عدى يا بنى فلان لبطون قريش إنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد
وروى عنه أنه قال يا بنى كعب بن لؤي وأنه قال يا بنى هاشم يا بنى قصى يا بنى عبد مناف
وروى عنه أنه قال لعلى اجمع لي بنى هاشم وهم أربعون رجلا قالوا فلما ثبت أن قريشا كلها من أقربائه وكان إعطاء السهم من الخمس موكولا إلى رأى النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم أعطاه من كان له منهم نصرة دون غيرهم
قال أبو بكر اسم القرابة واقع على هؤلاء كلهم لدعاء النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم إياهم عند نزول قوله تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين فثبت بذلك أن الاسم يتناول الجميع فقد تعلق بذوي قربى النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم أحكام ثلاثة أحدها استحقاق سهم من الخمس بقوله تعالى وللرسول ولذى القربى وهم الفقراء منهم على الشرائط التي قدمنا ذكرها عن المختلفين فيها والثاني تحريم الصدقة عليهم وهم آل على وآل العباس وآل عقيل وآل جعفر وولد الحارث بن عبد المطلب وهؤلاء هم أهل بيت النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ولا حظ لبنى المطلب في هذا الحكم لأنهم ليسوا أهل بيت النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ولو كانوا من أهل بيت النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم لكانت بنو أمية من أهل بيت النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ومن آله ولا خلاف أنهم ليسوا كذلك فكذلك بنو المطلب لمساواتهم إياه في نسبهم من النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم والثالث تخصيص اللَّه تعالى لنبيه بإنذار عشيرته الأقربين فانتظم ذلك بطون قريش كلها على ما ورد به الأثر في إنذاره إياهم عند نزول الآية وإنما خص عشريته الأقربين بالإنذار لأنه أبلغ عند نزول الآية في الدعاء إلى الدين وأقرب إلى نفى المحاباة والمداهنة في الدعاء إلى اللَّه عز وجل لأن سائر الناس إذا علموا أنه لم يحتمل عشيرته على عبادة غير اللَّه وأنذرهم ونهاهم أنه أولى بذلك منهم إذ لو جازت المحاباة في ذلك لأحد لكانت أقرباؤه أولى الناس بها وقوله تعالى واليتامى فإن حقيقة اليتم هو الانفراد ومنه الرابية المنفردة تسمى يتيمة والمرأة المنفردة عن الأزواج تسمى يتيمة إلا أنه قد اختص في الناس


الصفحة التالية
Icon