أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٤، ص : ٢٦٦
ندائه وإعلامهم إياه وجائز أن يريد بها تمام أربعة أشهر من الأشهر الحرم وقد روى سفيان عن أبى إسحاق عن زيد بن يثيع عن على أن النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم بعثه يوم الحج الأكبر أن لا يطوف أحد بالبيت عريانا ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ولا يحج مشرك بعد عامه هذا ومن كان بينه وبين النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم عهد فاجعله إلى مدته
فجمل
في حديث على من له عهد عهده إلى أجله ولم يخصص أربعة أشهر من غيره
وقال في حديث أبى هريرة فعهده إلى أربعة أشهر وجائز أن يكون المعنيان صحيحين وأن يكون جعل أجل بعضهم أربعة أشهر أو تمام أربعة أشهر التي هي أشهر الحرم وجعل أجل بعضهم إلى مدته طالت المدة أو قصرت وذكر الأربعة الأشهر في حديث أبى هريرة موافق لقوله تعالى فسيحوا في الأرض أربعة أشهر وذكر إثبات المدة التي أجلها في حديث على موافق
لقوله تعالى إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم فكان أجل بعضهم وهم الذين خيف غدرهم وخيانتهم أربعة أشهر وأجل من لم يخش غدرهم إلى مدته وقد روى يونس عن أبى إسحاق قال بعث النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم أميرا على الحج من سنة تسع فخرج أبو بكر ونزلت براءة في نقض ما بين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم والمشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم أن لا يصد عن البيت أحد ولا يخاف أحد في الشهر الحرام وكان ذلك عهدا عاما بينه وبين أهل الشرك وكانت بين ذلك عهود بين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وبين قبائل العرب خصائص إلى أجال مسماة فنزلت براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين أهل العهد العام من أهل الشرك من العرب فسيحوا في الارض اربعة أشهر أن اللَّه برىء من المشركين بعده هذه الحجة وقوله إلا الذين عاهدتم من المشركين يعنى العهد الخاص إلى الأجل المسمى
فإذا انسلخ الأشهر الحرم يعنى الأربعة التي ضربه لهم أجلا وقوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام من قبائل بنى بكر الذين كانوا دخلوا في عهد قريش يوم الحديبية إلى المدة التي كانت بين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وبين قريش فلم يكن نقضها إلا هذا الحي من قريش وبنو الدئل
فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم بإتمام العهد لمن لم يكن نقضه من بنى بكر إلى مدته
فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم وروى معاوية بن صالح عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر قال جعل اللَّه للذين عاهدوا رسول